قوله: { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ } أي فبنقضهم ميثاقهم لعناهم. يعني باللعن المسخ، فجعل منهم قردة وخنازير؛ مسخوا في زمان داود قردة، وفي زمان عيسى خنازير. قال: { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } أي غليظة { يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } وهو ما حرّفوا من كتاب الله. قال: { وَنَسُوا } أي تركوا { حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ } في الكتاب. وقال الحسن: تركوا عرى دينهم. وقال بعضهم: نسوا كتاب الله وراء ظهورهم، وعهده الذي عهده إليهم، وضَيَّعوا فرائضه وعطّلوا حدوده. قوله: { وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ } يعني حيث دخل النبي حائطاً لليهود فهمّوا به. وتفسيره في غير هذا الموضع. قال: { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } أي من آمن منهم. قوله: { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ }. قال بعضهم: نسختها هذه الآية:{ قَاتِلُوا الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَومِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [التوبة:29]. قوله: { وَمِنَ الذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ } كما أخذنا ميثاق اليهود. قال بعضهم: إنما سمّوا نصارى لأنهم كانوا بقرية يقال لها ناصرة نزلها عيسى. وهو اسم تَسَمَّوا به ولم يؤمروا به. قال: { فَنَسُوا حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ } وهي مثل الأولى. قوله: { فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ } بكفرهم، يعني به أهل الكتاب، بما فعلوا ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء. { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }. قوله: { يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا } هو محمد صلى الله عليه وسلم { يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ } أي ما حرّفوا من الكتاب وأخفوا من الحق فيه { وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ } مما كان حرّم عليهم فأحلّه لهم. قوله: { قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وكِتَابٌ مُّبِينٌ } يعني به القرآن. { يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ } والسلام هو الله، كقوله:{ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت:69]. وكقوله:{ وَاللهُ يَدْعُواْ إِلَى دَارِ السَّلاَمِ } [يونس:25]. ذكروا عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " السلام اسم من أسماء الله ". قوله: { وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي من الكفر إلى الإِيمان { بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي إلى الجنة.