الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ ٱلْكُفْرَ وَٱلْفُسُوقَ وَٱلْعِصْيَانَ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلرَّاشِدُونَ } * { فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعْمَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ }

قوله عز وجل: { وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ } تفسير الحسن: إنه معكم مقيم، فلا تضلون ما قبلتم عنه. { لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ } أي: في دينكم. والعنت الحرج والضيق. { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } أي: بما وعدكم عليه من الثواب وكريم المآب. { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ } أي: المعاصي، أي بما أوعد عليها من العذاب. قال تعالى: { أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } أي: الذين حبّب إليهم الإيمان فأحبّوه لِتَحْبِيب الله ذلك إليهم... إلى آخر الآية.

قال عز من قائل: { فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً } أي: بفضل من الله ونعمته فعل ذلك بهم. { وَاللَّهُ عَلِيمٌ } أي: بخلقه { حَكِيمٌ } أي: في أمره.

قوله: { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ }.

تفسير الحسن قال: كان بين رجل من المسلمين ورجل من المنافقين خصومة فدعاه المسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعاه المنافق إلى بني فلان، فتعزز المنافق ببني فلان وبقومه من المشركين، وتعزز المسلم بالمسلمين، فتدافعا بينهما حتى صارا إلى العصا فأنزل الله: { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا... } إلى آخر الآية. وقال الحسن: سمى المنافق [مؤمناً] بالإسلام الذي أقرّ به وادعاه، أي من الإيمان.

قال: { فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا } أي: ردوهما إلى الحكومة، أي بما في كتابهم الذي ادعوه وأقروا به. { فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى } أي: فلم تقبل الحكومة من الكتاب والسنة التي أقروا بهما وادعوهما { فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } ، أي إلى حكم الله الذي حكم بينهم والذي يلزمهم إِقْرارهم به وادعاؤهم إياه. { فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } الذي بتركه كفروا وضلوا.

قال: { فَإِن فَاءتْ } أي: فإن رجعت إلى الذي تركت من حكم الله الذي أقرّت به وادّعته { فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ } أي: بالحق { وَأَقْسِطُوا } أي: واعدلوا في حكمكم، أي فيمن تحكمون عليه { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ } أي يثيب { الْمُقْسِطِينَ } أي العادلين.