الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } * { سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } * { وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } * { هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

قال الله: { وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } [في تلك الحال] { لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا } يمنعهم من ذلك القتل الذي يقتلهم المؤمنون { وَلاَ نَصِيرًا } ينتصر لهم.

قال: { سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ } أي: بقتل من أظهر الشرك، إذ أمر النبي عليه السلام بالقتال. قال: { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }.

قال الله عزّ وجلّ: { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ }. قال الكلبي: كان هذا يوم الحديبية، وكان المشركون من أهل مكة قاتلوا نبي الله، وكان شيء من رمي نبل وحجارة من الفريقين جميعاً، ثم هزم الله المشركين وهم ببطن مكة، فهزموا حتى دخلوا مكة، ثم كفّ الله بعضهم عن بعض. قال الله: { وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا }.

قوله عز وجل: { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } عن نافع عن ابن عمر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدَّه المشركون عن المسجد الحرام وأنا معه فنحر [ونحر أصحابه] الهدي بالحديبية.

قوله عز وجل: { وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا } أي: محبوساً { أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } أي لئلا يبلغ محلّه. قال: { وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ } بمكة يدينون بالتقية { لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ } فتقتلوهم { فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ } أي: إثم { بِغَيْرِ عِلْمٍ }. قال الله تعالى: { لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء } أي: في دينه الإِسلام فيُسلمون، وقد فعل الله ذلك. قال الله: { لَوْ تَزَيَّلُوا } أي زال المسلمون من المشركين والمشركون من المسلمين فصار المشركون محضاً { لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } أي: لسلطناكم عليهم فقتلتموهم.

قوله: { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } هم المشركون صدوا نبي الله يوم الحديبية عن المسجد الحرام، وحبس الهدي أن يبلغ محله، وإنما حملهم على ذلك حمية الجاهلية والتمسك بها. { فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ } تفسير الكلبي: السكينة الطمأنينة، وتفسير الحسن: الوقار { وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } وهي كلمة الإخلاص لا إله إلا الله. { وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا } أي وكانوا أهلها في الدنيا، وعليها الثواب مع الوفاء بالأعمال في الآخرة { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }.