الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيراً } * { وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } * { سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }

قال: { وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي: إنهم لم يؤمنوا بالله ورسوله فيوفوا بما عاهدوا عليه ويكملوا فرائض الإيمان بالقول والعمل. قال: { فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا } أي: فهم كفار، وقد اعتدنا للكافرين سعيراً. فسمّاهم كافرين إذ لم يكملوا فرضه ويوفوا بعهده في القول والعمل. وقال في آية أخرى:أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ... } إلى آخر الآية. [الحشر:11].

قوله عز وجل: { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء } أي: إنه لا يشاء أن يغفر إلا لمن تاب من الشرك وبرىء من النفاق، ويعذّب من أقام على شركه ونفاقه حتى يموت عليه، وهو قوله: { وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ } فيبقوا على نفاقهمأَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } [الأحزاب:24] فيرجعوا عن نفاقهم. وقد أخبر بعد أنهم لا يرجعون عن نفاقهم، وقد فسّرناه في الآية الأولى. قال: { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا }.

قوله عز وجل: { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا } وهم المنافقون يقولونه للمؤمنين { ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ } وهذا حين أرادوا أن يخرجوا إلى خيبر؛ أحبوا الخروج ليصيبوا من الغنيمة، وكان الله وعدها النبي عليه السلام، فلم يترك النبي عليه السلام أحداً من المنافقين أن يخرج معه إلى خيبر، أمره الله بذلك، وإنما كانت لمن شهد بيعة الرضوان يوم الحديبية.

قال تعالى: { يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا } أي: لن تخرجوا معنا { كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ } لا تخرجوا. وإنما قال الله ذلك في براءة حيث قال:فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا } [التوبة: 83]. فذلك قوله عزّ وجل: { لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ }. { فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا } أي: إنما تمنعوننا من الخروج معكم للحسد. قال الله عز وجل: { بَلْ كَانُوا لاَ يَفْقَهُونَ } عن الله { إِلاَّ قَلِيلاً } أي: إلا التوحيد الذي قِبَلهم.

وقال الكلبي: هم الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ انطلق إلى الحديبية من الأعراب وغيرهم.