الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

قوله: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ } أي: للقرآن { لَمَّا جَاءهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }.

قال الله عز وجل: { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ } أي: محمد، أي: قد قالوا افتراه محمد { قُلْ } يا محمد لهم { إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } أي: لا تستطيعون أن تمنعوني من عذاب الله شيئاً { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } أي: بما تقولون فيه من الشرك، { كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } أي: أني جئت بالقرآن من عنده وأني لم أفتره. قال: { وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } أي: لمن آمن بالله.

قال: { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ } أي: ما كنت أولهم، قد كان الرسل قبلي { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ } تفسير الحسن: وما أدري ما يحكم لي ولكم الله من الأحكام والشرائع، وهل يتركني مقيماً بين أظهركم في دار الشرك أم يخرجني إلى دار الهجرة.

وقال الكلبي: إن النبي عليه السلام قال: لقد رأيت في منامي أرضاً أخرج إليها من مكة. فلما اشتد البلاء على أصحابه بمكة قالوا: يا نبي الله، حتى متى نلقى هذا البلاء، متى نخرج إلى الأرض التي رأيت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أدري ما يفعل بي ولا بكم، أنموت بمكة أم نخرج منها ".

قال: { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }. قال بعضهم: أنزل الله بعد ذلك:إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا } [الفتح:1-3].

ذكروا عن أنس بن مالك قال: إن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من الحديبية وأصحابه مخالطون الحزن والكآبة، قد حيل بينهم وبين مناسكهم، ونحروا الهدي بالحديبية فقال: لقد نزلت علي آية لهي أحب إلي من الدنيا وما فيها جميعاً. فتلاها عليهم، فقال رجل من القوم: هنيئاً لك يا رسول الله، قد بيّن الله لك ما يفعل بك، فما يفعل بنا؟ فأنزل الله:لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا } [الفتح:5].