الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }

قوله عز وجل: { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا } أي: يقوله بعضهم لبعض { فَلَمَّا قُضِيَ } أي: فلما قرأه عليهم النبي عليه السلام وأسلموا { وَلَّوْا } أي: رجعوا { إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } وهم أهل نصيبين.

ذكر بعضهم أن جن نصيبين أتوا النبي عليه السلام فقرأ عليهم القرآن؛ فقالوا: يا رسول الله زوّدنا، فقال: " كل روثة لكم خضرة، وكل عظم لكم عرق " فقالوا: يا رسول الله: إن أمتك ينجسونه علينا. فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بعظم أو روثة.

ذكروا عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس وعن ابن مسعود أن جن نصيبين لما قرأ عليهم النبي عليه السلام القرآن فأرادوا أن يرجعوا زودهم الروث والعظام، لا يأتون على شيء منه إلا وجدوه لحماً وتمراً.

ذكروا عن عون بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن مسعود قال: خرجنا حاجين ومعتمرين، حتى إذا كنا بالطريق هاجت ريح فارتفعت عجاجة من الأرض حتى إذا كانت على رؤوسنا انكشفت عن حية بيضاء، فنزلنا، وتخلف صفوان بن المعطل فأبصرها. فصب عليها من مطهرته، وأخرج خرقة من عيبته فكفّنها فيه، ثم دفنها، ثم اتّبعنا، فإذا بنسوة قد جئن عند العشاء، فسلمن ثم قلن: أيكم دفن عمرو بن جابر، فقلنا: والله ما نعرف عمرو بن جابر. فقال صفوان بن المعطل: أبصرت جاناً أبيض فدفنته. قلن: ذلك والله عمرو بن جابر، بقية من استمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة القرآن من الجن؛ التقى الزحفان من الجن، زحف من المسلمين وزحف من الكفار، فاستشهد رحمه الله.

ذكروا أن قوماً نفروا إلى عبد الله بن مسعود فقالوا: بينما نحن نسير في طريق الشام إذ رفع إلينا إعصار. فلما انتهينا إليه إذا حية قتيل فنزل بعض القوم فكفّنها في عمامة له ثم دفنها. فلما نزلنا وجنّ علينا الليل إذا بامرأتين قد جاءتا، فسلمتا علينا، ثم قالتا: أيكم دفن عمراً اليوم؟ قلنا: ما دفنا رجلاً. قالتا: بلى، الحية القتيل. قلنا: نعم. قالتا: فإن كنتم إنما نويتم الآخرة والأجر فقد أصبتم. إن فسقة الجن ومسلميهم اقتتلوا اليوم فقتل فيهم، والله إنه لأحد النفر الذين استمعوا القرآن عند محمد صلى الله عليه وسلم.

قوله: (مُنْذِرِينَ) أي: أنذروا قومهم.