قال: { وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ } أي: فيما لم نمكنكم فيه، يعني مشركي العرب، كقوله:{ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا } [التوبة:69]. قال: { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم } أي: ونزل بهم { مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون }. أي: نزل بهم عقوبة استهزائهم، يعني ما عذبهم به. قوله: { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى } يقوله لأهل مكة، وهي أم القرى، منها دحيت الأرض، وما حولها البلاد كلها. أخبر بهلاك من أهلك. قال: { وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ } أي: أخبرناكم كيف أهلكناهم. قال: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي: لعل من بعدهم يرجعون إلى الإيمان، يحذرهم بذلك، كقوله:{ وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا } [الفرقان:39]، وكقوله:{ وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ } [إبراهيم:45] يعني ما أهلك به من قبلهم من الكفّار، يحذّرهم بهذا كله. { فَلَوْلاَ } أي: فهلا { نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً } يعني آلهتهم التي عبدوها من دون الله والتي يزعمون أنها تقربهم إلى الله زلفى ليصلح لهم معايشهم في الدنيا، ولم يكونوا يقرّون بالآخرة. قال: فهلاّ نصروهم إذ جاءهم العذاب. { بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ } أي: كذبهم { وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ }. ذكروا عن عبد الله بن كثير المكّيّ أنه كان يقرأها: { وَذَلِكَ أَفْكَهُمْ } أي: صَدَّهم عن الهدى.