قوله: { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ } أي: آمنوا { وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ } كانت الصلاة يوم نزلت هذه الآية ركعتين عدوة وركعتين عشية قبل أن تفرض الصلوات الخمس. قوله: { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } تفسير الحسن: يتشاورون في كتاب الله. وقال بعضهم: { وَأَمْرُهُمْ } يعني التوحيد، { شُورَى بَيْنَهُمْ } { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } أي: الزكاة، ولم تكن يومئذ شيئاً موقتاً. قوله: { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ } أي: بغى عليهم المشركون، أي: ظلموهم { هُمْ يَنتَصِرُونَ } أي: بألسنتهم؛ أي إنهم لم يكونوا أمِروا بالقتال يومئذ. وقال بعضهم: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم. قال: { وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } أي: ما يسيء إليهم المشركون، أن يفعلوا بهم كما يفعلون بهم. قال: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ } أي: فمن ترك مَظْلَمَته، { فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } أي: فثوابه على الله. { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } أي: المشركين. قال: { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ } أي: من بعد ما ظُلِم { فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ }. تفسير الحسن: ما عليهم من حجة. { إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } أي: بكفرهم وتكذيبهم، يعيبهم بذلك. { أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: موجع { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ }. وهذا كله منسوخ فيما بينهم وبين المشركين، نسخه القتال وصار العفو فيما بين المؤمنين. أمرنا بالعفو فقال:{ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } [آل عمران: 134]، وقال:{ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا } [النور:22]. ذكروا عن أبي الأحوص عن أبيه قال: قلت يا رسول الله، إن لي جاراً يسيء مجاورتي، أفأفعل به كما يفعل بي. قال: " لا، إن اليد العليا خير من اليد السفلى ".