قوله: { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } يعني ما اختلفتم فيه من الكفر والإيمان، فحكمه إلى الله، أي: فهو يحكم بينهم فيه، يعني المؤمنين والمشركين، فيدخل المؤمنين الجنة، ويدخل المشركين النار. { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي } يقوله النبي عليه السلام، أي: قل لهم: ذلكم الله ربي، أي: الذي الحكم إليه. { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أي: إليه أرجع. { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } يعني النساء، أي: تتوالدون فيكثر عددكم { وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا } ذكوراً وإناثاً في تفسير الحسن؛ أي جعل معايشكم فيها. وقال الكلبي: { وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا } أي: من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، ومن الإِبل اثنين، ومن البقر اثنين، الواحد منها زوج. { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } أي: يخلقكم فيه نسلاً بعد نسل من الناس والأنعام. { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ } أي: فلا أسمع منه { البَصِيرُ } فلا أبصر منه. { لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي: مفاتيح السماوات والأرض في تفسير مجاهد وغيره. وقال مجاهد: هي بالفارسية. وقال الحسن: المفاتيح والخزائن. وقال الكلبي: الخزائن؛ { يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ } أي: ويقتر، نظراً منه للمؤمن، فيقتر عليه الرزق. { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }. قوله: { شَرَعَ لَكُم } أي: فرض لكم، في تفسير الحسن. وقال بعضهم اختار لكم. { مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا } أي: ما أمر به نوحاً { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ } أي: ما أمرنا به { إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى } وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل. { أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ } أي: الإسلام { وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } وهذا ما فرض الله على جميع أنبيائه، وبعث به رسله إلى خلقه. وهو كقوله:{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } [الأنعام:153] إلى آخر الآية. وقال في آية أخرى:{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [الأنبياء:25]. وقال في آية أخرى:{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [آل عمران:85]. قوله: { كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } من عبادة الله وترك عبادة الأوثان. { اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء } [أي: يختار لنفسه] يعني الأنبياء. قال مجاهد: يستخلص لنفسه من يشاء. والاستخلاص والاختيار والاصطفاء واحد. قال الحسن: هو كقوله:{ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ } [الحج:75] وقال بعضهم: يجتبي إليه، أي: إلى دينه من يشاء. { وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } أي: من يُخلص له.