الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ } * { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلأَسْفَلِينَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }

قال الله تعالى: { فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي: لا يجازيهم في الآخرة بأحسن ما كانوا يعملون في الدنيا. ولكن: يبطله، وقد استوفوه في الدنيا. وهو مثل قوله:نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } [هود:15] أي: في الدنيا، ونجزيهم في الآخرة بأسوأ أعمالهم.

قال: { ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ }.

قوله: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } في النار { رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا } وهي تقرأ على وجهين؛ فمن قرأها (أَرِنَا) بكسر الراء، فهي من الرؤية، ومن قرأها (أَرْنَا)، بتسكين الراء، فهو يقول: أعطنا للذين أضلانا. { مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ } يعنون إبليس وقابيل بن آدم الذي قتل أخاه. يقولون ذلك من شدّة الغيظ عليهما، وهما في الدرك الأسفل من النار.

وذكر بعضهم قال: لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم كفل من دمها لأنه سنّ القتل. وبلغنا أن ثلاثة لا تقبل منهم توبة: إبليس، وابن آدم الذي قتل آخاه، ومن قتل نبيّاً.

قوله: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ } مخلصين له { ثُمَّ اسْتَقَامُوا } عليها وعلى العمل بالفرائض { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ } عند الموت { أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } أي: إذ كنتم في الدنيا.

ذكروا أن أبا بكر الصديق قرأ هذه الآية فقالوا له: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما الاستقامة؟ قال: ألا تشركوا به شيئاً.

ذكروا أن عمر بن الخطاب قال: ثم استقاموا على الفرائض ولم يروغوا روغان الثعالب، أي: لم ينتقصوا دين الله حتى أكملوا فرائضهم ووفوا بها.

قال: { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ } أي: عند الموت في تفسيربعضهم.

وتفسير الحسن أن قول الملائكة لهم: { أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا } وأنتم آمنون، تستقبلهم بهذا إذا خرجوا من قبورهم إلى الموقف.

وفي تفسير بعضهم { أَلاَّ تَخَافُوا } أي أمامكم، { وَلاَ تَحْزَنُوا } أي: على ما خلّفتم، نحن نخلفكم فيه.

ذكروا عن الحسن أن عمر بن الخطاب قال: احضروا موتاكم وألزموهم قول لا إله إلا الله، فإنهم يسمعون أو يرون ما يقال لهم.

ذكروا عن الحسن أنه دخل على أبي الشعثاء جابر بن زيد وهو مدنَف فقال له: يا أبا الشعثاء، فرُفع رأسه فقال له: قل لا إله إلا الله. فسكت أبو الشعثاء. فأعاد له القول فقال له: قل لا إله إلا الله، فسكت أبو الشعثاء، ثم أعاد الحسن فقال أبو الشعثاء في الثالثة، يا أبا سعيد، أنا من أهلها، ولكني أعوذ بالله من النار ومن سوء الحساب. فخرج الحسن من عنده وهو يقول: تالله ما رأيت كاليوم قط رجلاً أفقه حتى عند الموت.

ذكر بعضهم حديثاً عن عيسى بن مريم بإسناده أنه قال: عجبت للمؤمن كيف يحفظ ولده من بعده، أي إنه يحفظ بعده.