قال: { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء } أي: السَّفَلة { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } يعني الرؤساء والقادة في الضلالة. وقال بعضهم: الضعفاء بنو آدم، يعني المشركين، والذين استكبروا الشياطين، وكلهم مستكبرون عن عبادة الله: { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } أي: دعوتمونا إلى الضلالة فأطعناكم { فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا } أي: جزءاً { مِّنَ النَّارِ }. { قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا } أي: في النارِ { إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ }. قوله: { وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ } أي: سلوه { يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ قَالُوا } أي: خزنة جهنم، وهم التسعة عشر الذين قال الله فيهم:{ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } [المدثر:30]: { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلاَلٍ }. ذكر بعضهم قال: إن أهل النار يدعون خزنة جهنم فلا تجيبهم مقدار عشرين عاماً، ثم تجيبهم { أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ }. ثم ينادون مالكاً، فلا يجيبهم مقدار أربعين عاماً، ثم يجيبهم:{ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ } [الزخرف:77]. ثم يدعون ربهم فلا يجيبهم مقدار عمر الدنيا مرتين، ثم يكون جوابه إياهم:{ اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون:108]. ذكرورا عن غير واحد من العلماء أن كل كلام في القرآن من كلامهم كله فهو قبل أن يقول لهم: { اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ }. قال: فإذا قال ذلك انقطع كلامهم وصار الزفير والشهيق كأصوات الحمير أولها زفير وآخرها شهيق.