الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } * { وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً } * { إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

قوله: { وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ } يعني الزنا { فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُوا فأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } قيل: هذه الآية نزلت بعد الآية التي بعدها في التأليف.

{ وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا } يعني الفاحشة { مِنكُمْ } من الرجال، { فَآذُوهُمَا } أي: بالألسنة { فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }. ثم نزلت هذه الآية { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }. ثم نزل في سورة النور:الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ } [النور:2]. وهذا في تفسير الحسن.

وقال غيره: { فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً } قال: كان هذا بدءَ عقوبة الزنا. كانت المرأة تحبس، ويؤذيان جميعاً بالقول والشتيمة، قال: { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }. فجعل سبيلهن الجلد والرجم: إن كانا محصنين رجماً، وإن كانا غير محصنين جلد كل واحد منهما مائة جلدة.

قال الحسن: إن جاء الشهود الأربعة جميعاً أقيم بشهادتهم الحد، وإن جاءوا مفترقين جلد كل إنسان منهم جلد القاذف ثمانين.

ذكر عكرمة عن ابن عباس قال: لا يقام الحد حتى يشهدوا أنهم رأوه يدخل كما يدخل المرود في المكحلة.

قوله: { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ } أي إنما التجاوز من الله { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ } ذكر بعض العلماء قال: كل ذنب أتاه عبد فهو بجهالة. قال: { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } أي: ما دون الموت؛ يقال: ما لم يغرغر بنفسه. { فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً }.

قال الحسن: نزلت هذه الآية في المؤمنين: ثم ذكر الكفار فقال: { وَلَيْسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ } يعني الشرك بالله { حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ } عند معاينة ملك الموت قبل أن تخرج نفسه من الدنيا { قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ } أي رجعت الآن { وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }.

قال الحسن: لا يقبل إيمان الكافر عند الموت ولا توبته ولا توبة صاحب الكبائر.

ذكروا عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا إن الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهما لمن اجتنب الكبائر ".

ذكروا عن الحسن قال: إن إبليس لما أهبط إلى الأرض قال: وعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام روحه في جسده، فقال الله: وعزتي لا أمنعه التوبة ما لم يغرغر بنفسه.

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: كل ذنب أقام عليه العبد حتى يموت فهو كبيرة. قال: وكل ذنب تاب منه العبد قبل أن يموت فليس بكبيرة.