الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } * { بَشِّرِ ٱلْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } * { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } * { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ ٱللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً } * { ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَكُنْ مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوۤاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }

قوله: { إِنَّ الذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ءَامَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً }. هم أهل الكتابين.

ذكر بعضهم قال: آمن أهل التوراة بالتوراة، وآمن أهل الإِنجيل بالإِنجيل، ثم كفروا بهما، يعني ما حرَّفوا منهما، ثم ازدادوا كلهم كفراً، أي: بالقرآن. { لَّمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } قال الحسن: يعني من مات منهم على كفره، { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } ، أي سبيل الهدى، يعني عامّتهم؛ وقد أسلم الخاصة منهم. وقال بعضهم: ولا ليهديهم سبيلاً، أي طريق هدى، وقد كفروا بكتاب الله.

قوله: { بَشِّرِ المُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً الذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ } كانوا يتولون اليهود وقد أظهروا الإِيمان وأجابوا إليه. { أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العِزَّةَ } أي أيريدون بهم العزة { فَإِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً }.

قوله: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ } من أهل الإِقرار { وَالكَافِرِينَ } من أهل الإِقرار والكافرين من أهل الإِنكار { فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }.

قال الكلبي: نُهِيَ المؤمنون أن يجالسوا المنافقين والكفار إذا سمعوهم يستهزئون بشيء من كتاب الله ويعيبونه. وأما قوله: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ } فيعني ما أنزل في سورة الأَنعام بمكة قبل الهجرة:وَإِذَا رَأَيْتَ الذِينَ يَخُوضُونَ فِي ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } [الأنعام:68] وكان ذلك قبل أن يؤمر بقتال مشركي العرب ثم أمر بقتالهم. فأما المنافقون الذين أظهروا الإِيمان، واليهود إذا أدّوا الجزية، فلا يقاتَلون.

قوله: { الذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ } يعني المنافقين؛ كانوا يتربصون برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين. { فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللهِ } أي نصر وغنيمة { قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ } أي نكبة على المؤمنين { قَالُوا } للكافرين { أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ } أي: ألم نغلب عليكم بمودتنا إياكم { وَنَمْنَعْكُم مِّنَ المُؤْمِنِينَ } يقولون: إنهم آمنوا بمحمد، وكنا لكم عيوناً، نأتيكم بأخبارهم، ونعينكم عليهم؛ وكان ذلك في السِّرّ.

قال الله: { فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } فيجعل المؤمنين في الجنة ويجعل الكافرين في النار { وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } أي حجة في الآخرة؛ وقد تكون في الدنيا الدولة للكافرين؛ وربما ابتلي المؤمنون.