قوله: { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } أي: فعنده ثواب الآخرة لمن أراد الآخرة { وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً } وهو كقوله:{ مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ً } [الإِسراء:18-19].
قوله: { يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ } أي بالعدل { شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا } في الشهادة إذا كانت عنده. يقول: اشهدوا على أنفسكم، أي على أبنائكم وآبائكم وأمهاتكم وقرابتكم، أغنياء كانوا أو فقراء. وهو قوله: { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا } أي أولى بغناه وفقره.
وقال بعضهم: لا يمنعكم غنى غني، ولا فقر فقير أن تشهدوا عليه بما تعلمون، قال: الله أعلم بغناهم وفقرهم.
قوله: { فَلاَ تَتَّبِعُوا الهَوَى } فتدعوا الشهادة { أَن تَعْدِلُوا } فتقيموا الشهادة { وَإِن تَلْوُوا } بِأَلسنتكم، أي تلجلجوا فتحرّفوا الشهادة { أَوْ تُعْرِضُوا } فلا تشهدوا بها. وقال مجاهد: إن تلووا، أي تبدّلوا الشهادة، أو تعرضوا، أي تكتموها { فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }.
قوله: { يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا ءَامِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالكِتَابِ الذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالكِتَابِ الذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ } قال الكلبي: يعني من آمن من أهل الكِتَابِ، فإنهم قالوا عند إسلامهم: أنؤمن بكتاب محمد ونكفر بما سواه؛ فقال الله: بل آمِنُوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل. { وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }.