الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } * { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ }

قوله: { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } أما المشركون فليس يعطون بأعمالهم الحسنة في الآخرة شيئاً، لأنهم قد جوزوا بها في الدنيا. وأما المؤمنون فيُوَفُّونَ حسناتهم في الآخرة، وأما سيئات المؤمن، فإنه يحاسب بالحسنات والسيئات؛ فإن فضلت حسناته سيئاته بحسنة واحدة ضاعفها الله، وهو قوله:إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [النساء:40]، وإن استوت حسناته وسيئاته فهو من أصحاب الأعراف يصير إلى الجنة، وإن فضلت سيئاته حسناته فقد فسّرنا ذلك في غير هذه السورة، قال: { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ }.

قوله: { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا } أي: زمرة زمرة، أي: فوجاً فوجاً في تفسير الحسن. وفي تفسير الكلبي، زمراً: أمماً، وكذلك أهل الجنة. { حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ }.

{ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا } أي لا يخرجون منها أبداً { فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ } أي: عن عبادة الله.

{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }.

ذكروا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا توجّهوا إلى الجنة مرّوا بشجرة تجري من ساقها عينان، فيشربون من إحداهما فتجري عليهم بنضرة النعيم، فلا تتغيّر أبشارهم، ولا تشعث أشعارهم بعدها أبداً، ثم يشربون من الأخرى، فيخرج ما في بطونهم من أذى وقذى، ثم تستقبلهم الملائكة خزنة الجنة، فيقولون لهم: { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } ، ثم تتلقاهم الولدان، فيعرف الولدان من قد جعلهم الله له، يبشون لهم ويفرحون بهم كما يفرح الحبيب بالحبيب، أو كما يفعل الولدان بالحميم إذا جاءه من غيبة. لم يذهب أحدهم حتى يأتي أزواجَه، أزواجَ الرجل، فيبشرهن ويقول: قد جاء فلان فيسميه باسمه، فيقلن: أنت رأيته، فيقول: نعم، فيسبقها الفرح حتى تقوم على أسكفّة بابها تنتظره. فيجيء فيدخل بيتاً أسفله على جندل اللؤلؤ وجندل الحصا وحيطانه من كل لون، فينظر إلى سقفه، فلولا أن الله قدر له ألاَّ يذهب بصره لذهب؛ فإذاسُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } [الغاشية:13-16] فيقول:الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلآ أَنْ هَدَانَا اللهُ } [الأعراف:43].... إلى أخر الآية.

وتفسير الحسن في قوله: { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }. ويفاضل ما بينهم كمثل كوكب بالمشرق وكوكب بالمغرب. وقال بعضهم: يحبس أهل الجنة حتى يؤخذ بعضهم من بعض ضغائن كانت بينهم، ثم يدخلون الجنة.

وقال مجاهد: (طِبْتُمْ) أي: طبتم بطاعة الله.