قال الله: { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقُّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ } يعني قول بعضهم بعضاً في الآية الأولى. قوله: { قُلْ إِنَّمَآ أَنَا مُنذِرٌ } لأهل النار، أي أنا منذر من الله { وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } قهر العباد بالموت وبما شاء من أمره. { رَبُّ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُِ الْغَفَّارُِ } أي: لمن تاب وآمن. قوله: { قُلْ هُوَ نَبَؤٌاْ عَظِيمٌ } يعني القرآن. { أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } يعني المشركين. قوله: { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ } قال الحسن: اختصموا في خلق آدم. وفي تفسير عمرو عن الحسن: خصومتهم أن قالوا فيما بينهم: ما الله خالق خلقاً هو أكرم علينا منا. وهو قوله:{ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } [البقرة:33]. وذكروا عن ابن عباس أن الله تعالى لما قال للملائكة{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [البقرة:30] فكانت تلك خصومتهم. ذكروا عن الحسن قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أتاني ربي الليلة في المنام فقال: يا محمد، فيم اختصم الملأ الأعلى. قلت: رب لا أدري... قلت: رب في الكفارات والدرجات. قال: وما الكفارات؟ قلت: إسباغ الوضوء في السَّبَرات. والمشي على الأقدام إلى الجماعات، والتعقيب في المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. قال: وما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام ". وقال بعضهم: فيم يختصم الملاأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، أي يا ربي. قال: وما الكفارات؟ قلت: المشي بالأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد خلاف الصلوات، وإسباغ الوضوء في المكاره. ومن يفعل ذلك يعش بخير، ويمت بخير، ويكن من خطيئاته كيوم ولدته أمه. والدرجات: إطعام الطعام، وبذل السلام، وأن يقوم بالليل والناس نيام. قال: قل: اللهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تقوّني علي، وإذا أردت اللهم فتنة فتَوَفَّني غير مفتون. قوله: { إِن يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَآ أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ } هو كقوله:{ إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } [الرعد:7]. أي نبي الله المنذر، والله الهادي.