الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُوۤاْ إِن هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } * { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } * { قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ } * { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ } * { وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ }

{ وَقَالُوا إِنْ هَذَآ } يعنون القرآن { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } أي: بيّن أنه سحر. { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَءَابَآؤُنَا الأَوَّلُونَ } قالوا هذا على الاستفهام. وهذا استفهام على إنكار، أي: لا نبعث ولا آباؤنا الأولون.

قال الله: { قُلْ } يا محمد { نَعَمْ } تبعثون جميعاً { وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ } أي: صاغرون. قوله: { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } أي: النفخة الآخرة { فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ } أي: قد خرجوا من قبورهم ينظرون.

{ وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ } أي: يوم يدين الله الناس فيه بأعمالهم. { هَذَا يَوْمُ الفَصْلِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ } أي: يوم القضاء، يقضي فيه بين المؤمنين والمشركين، فيدخل المؤمنين الجنة، ويدخل الكافرين النار.

قوله: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } أي: سوقوا الذين أشركوا وأزواجهم، أي: وأشكالهم. [وقال بعضهم: (وَأَزْوَاجَهُمْ) أي: وقرناءهم من الشياطين] { وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الجَحِيمِ }.

ذكروا عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله:وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } [التكوير: 7] قال: يزوّج كل إنسان نظيره من النار، ثم تلا هذه الآية: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ } أي: فادعوهم { إِلَى صِرَاطِ الجَحِيمِ }. تفسير الحسن: أن كل قوم يلحقون بصنفهم. { وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ } في تفسير الحسن، بمعنى الشياطين التي دعتهم إلى عبادة الأوثان، وإنما عبدوا الشياطين.

وقال الكلبي: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا } أي: أشركوا، { وَأَزْوَاجَهُمْ } أي: ومن عمل بأعمالهم من بني آدم.

قوله: { فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الجَحِيمِ } أي: إلى طريق الجحيم. والجحيم اسم من أسماء جهنم، وهو الباب الخامس، وإنما أبوابها سبعة: جهنم، وهو الباب الأعلى، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم الجحيم، ثم سقر، ثم الهاوية، وهي الدرك الأسفل من النار، وجهنم اسم جامع لتلك الأبواب. قال:فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ } [النحل: 29] وكل باب منها هو النار، الأعلى جهنم، ثم لظى، والنار كلها لظى. قال:فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى } [الليل: 14] أي: تأجج. ثم الحطمة، والنار كلها حطمة، أي: تحطم عظامهم وتأكل كل شيء منهم إلا الفؤاد. قال:كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ } [الهمزة: 4] ثم السعير، والنار كلها سعير، تسعر عليهم، قال:وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } [النساء: 10] ثم الجحيم، والنار كلها جحيم، قال:قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الجَحِيمِ } [الصافات: 97] أي: في النار. ثم سقر، والنار كلها سقر. قال:سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ } [المدثر: 26-28] فكذلك تفعل تلك الأبواب كلها بهم، لا تبقي أجسادهم حين يدخلونها ولا تذر، أي: حين يجدّد خلقهم حتى تأكل أجسادهم، وهو قوله:كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ } [النساء: 56]، ثم الهاوية، والنار كلها هاوية، يهوون فيها. قال:فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } [القارعة: 9]، غير أن هذه الأنواع التي وصف بها النار لكل باب من أبوابها اسم من تلك الأنواع سمّيت به، ولكل قوم من أهل النار منزل من تلك الأبواب التي سمّيت بهذه الأسماء.