قال: { وَنَادَيْنَاهُ أَن يَآ إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } وهذا وحي مشافهة من الملك. ناداه الملك من عند الله أن يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. { إِنَّ هذَا لَهُوَ الْبَلآءُ الْمُبِينُ } أي: النعمة البيّنة عليك من الله إذ لم تذبح ابنك. قوله تعالى: { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } أي: بكبش عظيم. وذكر عن مجاهد قال: متقبّل. وذكر أبو الطفيل عن ابن عباس قال: فالتفت إبراهيم فإذا هو بكبش أبيض أقرن أعْيَن، فذبحه. ذكر بعضهم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: الذي فدي به إسحاق. ذكروا عن الأحنف بن قيس قال: حدّثني العبّاس بن عبد المطلب أن الذي فدي إسحاقُ. ذكر الخليل بن مرة، يرفع الحديث إلى النبي عليه السلام أنه إسحاقُ. وقال الحسن: بشر إبراهيم بإسحاق مرّتين: مرّة بولادته، ومرّة بأنه نبي. ذكر كيف أُرِىَ فِي المنام أن يذبحه، وكيف كان أراد ذبحه وكيف فُدِيَ فقصّ قصّته، ثم قال: { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً } أي: بأنه نبيّ. فمن جعل القصة كلَّها لإِسحاق فهو يقول: هو الذي أُمِر إبراهيم بذبحه وبشّره مرتين على هذا التأويل. ومن جعل القصة لإِسماعيل فيقول: هو الذي أمر إبراهيم بذبحه. ويجعل القصة كلها له. ثم قال من بعد، أي: من بعد ما أرى في المنام ذبحه، وكيف أراه ذبحه، وكيف فدي، فقصّ قصته كلها، حتى انقضت قال: { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ } كل هذا قالته العلماء، وقد فسّروه على ما وصفنا. وأحقهم أن يكون إسماعيل هو الذي أمر إبراهيم بذبحه، وهو أوفق لما في القرآن.