قوله: { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا } أي: في النار { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } أي: أخرجنا فردنا إلى الدنيا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل. قال الله: { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم. ذكر بعضهم قال: نزلت هذه الآية فيها ابن ثمان عشرة سنة. وكل شيء ذُكِر من كلام أهل النار فهو قبل أن يقول الله لهم:{ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108]. قوله: { فَذُوقُوا } أي: العذاب { فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } وهذا ظلم الشرك وهو ظلم فوق ظلم، وظلم دون ظلم. قوله: { إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } غيب السماوات هو ما ينزل من السماء من المطر وما فيها، وغيب الأرض ما يخرج منها من النبات وما فيها. { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }. وهو كقوله:{ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ } [العنكبوت: 10] وكقوله:{ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } [التغابن: 4] وأَشباه ذلك. قوله: { هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ } أي: خلفاً من بعد خلف. { فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أي: إنه يثاب عليه النار { وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً }. قوله: { قُلْ أَرَءيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ } أي: في خلق السماوات، على الاستفهام، أي: إنهم لم يخلقوا مع الله منها شيئاً. { أَمْ ءَاتَيْنَاهُمْ كِتَاباً } [فيما هم عليه من الشرك]. { فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِّنْهُ } أي: لم يفعل ذلك. كقوله: { أَمْ ءَاتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ } أي: فيما هم عليه من الشرك،{ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ } [الزخرف: 21] قال: { بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ } أي: المشركون. كل هذا ظلم الشرك، وهو ظلم دون ظلم، وظلم فوق ظلم { بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً } يعني الشياطين الذين دعتهم إلى عبادة الأوثان والمشركين الذين دعا بعضهم بعضاً إلى ذلك.