الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } * { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } * { وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ } * { ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ }

قوله: { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ } المفروضة { وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } السرّ التطوّع، والعلانية الزكاة المفروضة. يستحب أن تعطي الزكاة علانية، والتطوّع سراً، ويقال: صدقة السرّ تطوّعاً أفضل من صدقة العلانية. قال: { يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ } أي: لن تفسد، وهي تجارة الجنة، يعملون للجنة.

قال: { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ } أي: ثوابهم الجنة { وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } أي: يضاعف لهم الثواب. وقال الحسن: تضاعف لهم الحسنات، أي: يثابون عليها في الجنة. { إِنَّهُ غَفُورٌ } أي: لمن تاب { شَكُورٌ } أي: يشكر اليسير ويثيب بالكثير، أي: يقبل العمل اليسير من المؤمن ويثيبه الجنة.

قال: { وَالَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ } يعني القرآن { هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي: من التوراة والإِنجيل. { إِنَّ اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ }.

قوله: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا } أي: اخترنا { مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا }.

ذكروا عن جعفر بن زيد أن رجلاً بلغه أنه من أتى بيت المقدس، لم يشخصه إلا الصلاة فيه، فصلّى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه. قال: فأتيت بيت المقدس، فدخلت المسجد فصلّيت فيه ركعتين، ثم قلت: اللهم صُن وحدتي، وآنس وحشتي، وارحم غربتي، وسق إليّ جليساً صالحاً تنفعني به. [فبينا أنا كذلك إذ دخل شيخ موسوم فيه الخير]، فقام عند سارية فصلّى ركعتين، ثم جلس. فقمت إليه، ثم سلّمت عليه، ثم جلست فقلت: من أنت، يرحمك الله، فقال: أنا أبو الدرداء، فقلت: الله أكبر! قال: ما لك يا عبد الله، أذعورة أنا؟ قلت: لا والله، ولكن بلغني أن من أتى هذا المسجد لم يشخصه إلا الصلاة فيه، فصلّى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. قال: الحديث كما بلغك. قلت: فجئت إلى هذا المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم قلت: اللهم صُن وحدتي، وآنس وحشتي، وارحم غربتي، وسق إليّ جليساً صالحاً ينفعني. قال: فأنا أحق بالحمد منك إذ أشركني الله في دعوتك، وجعلني ذلك الجليس الصالح. لا جرم لأحدثنك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أحدث به أحداً قبلك ولا أحدث به أحداً بعدك.

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا... } إلى آخر الآية. قال: " فيجيء هذا السابق بالخيرات فيدخل الجنة بغير حساب، ويجيء هذا المقتصد فيحاسب حساباً يسيراً، ثم يدخل الجنة، ويجيء هذا الظالم لنفسه فيوقف ويعيّر ويوبّخ ويعرّف ذنوبه ثم يتجاوز الله عنه فيدخله الجنة بفضل رحمته، فهم الذين قالوا: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }. غفر الذنب الكبير وشكر العمل اليسير، سبحانه وتعالى ".


السابقالتالي
2