قوله: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ } أي: لن نصدّق بهذا القرآن { وَلاَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } يعنون التوراة والإِنجيل لأن الله أمر المؤمنين أن يصدّقوا بالقرآن وبالتوراة والإِنجيل أنها من عند الله ولا يُعمَل بما فيهما إلا ما وافق القرآن. قال بعضهم: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل في القرآ ن شيء مما ذكر في التوراة والإِنجيل عَمِل به، فإِذا نزل في القرآن ما ينسخه تركه. وقد نزل في القرآن شيء مما في التوراة والإِنجيل ولم ينسخ في القرآن، مثل قوله { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ } أي: في التوراة{ أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ... } إلى آخر الآية [المائدة: 45] فنحن نعمل بها لأنها لم تنسخ. فجحد مشركو العرب القرآن والتوراة والإِنجيل في قوله: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلاَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ }. وقال الحسن: قد كان كتاب موسى حجة على مشركي العرب فقالوا:{ لَوْلآ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَى } قال الله:{ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَآ أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } يعنون موسى ومحمداً؛ وقال سعيد بن جبير: يعنون موسى وهارون.{ وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } قال الله: { قُلْ } يا محمد{ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [القصص: 48-49]. قوله تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ } أي: المشركون { مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ } أي: يوم القيامة { يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا } وهم السفلة { لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا } وهم الرؤساء والقادة في الشرك { لَوْلآ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ }. { قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا } وهم الأتباع { أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ } على الاستفهام { عَنِ الهُدَى } أي: عن الإِيمان { بَعْدَ إِذْ جَآءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ } أي: مشركين.