قوله: { يَآ أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً } أي: عدلاً، وهو لا إله إلا الله { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } أي: لا يقبل العمل إلا ممن قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه، ولا يقبل القول إلا ممن عمل صالحاً، أي: لا يقبل ممن ينقص الإِيمان، لأن الإِيمان قول وعمل. قال: { وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ } أي: بالقول والعمل { فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } وهي النجاة العظيمة من النار إلى الجنة. قوله: { إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا }. قال بعضهم: عرض عليهن الطاعة والمعصية، والثواب والعقاب. وقال الكلبي: إنه عرض العبادة على السماوات والأرض والجبال ليأخذنها بما فيها. قلن: وما فيها؟ قيل: إن أحسنتن جوزيتن، وإن أسأتن عوقبتن. فأبين أن يحملنها، وعرضها على الإِنسان، والإِنسان آدم، فقبلها. ذكر إبراهيم بن محمد عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس قال: الأمانة التي حملها ابن آدم: الصلاة والصوم والغسل من الجنابة. ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: ثلاث من حفظهن فهو عبدي حقاً، ومن ضيعهن فهو عدوي حقاً: الصلاة والصوم والغسل من الجنابة ". ذكروا عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ائتمن ابن آدم على ثلاثة: على الصلاة، ولو شاء قال: صليت [ولم يصل]، وعلى الصيام، ولو شاء قال: صمت [ولم يصم]، وعلى الغسل من الجنابة، ولو شاء قال: قد اغتسلت [ولم يغتسل] " قال: ثم تلا هذه الآية:{ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآئِرُ } [الطارق: 9]. قال تعالى: { إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً } أي: لنفسه { جَهُولاً } بدينه؛ وهذا المشرك. قوله: { لِّيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ } أهل الإِقرار بالله والنبي من أهل التضييع للأعمال والخيانة للأمانة، وهي الدين. { وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ } أهل المساواة والإِنكار والجحود. ذكروا عن الحسن أنه قرأ هذه الآية: { إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ... } إلى قوله: { وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً لِّيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ } فقال: هما والله اللذان ظلماها، وهما اللذان خاناها: المنافق والمشرك. قال تعالى: { وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } أهل الصدق والوفاء في الأعمال. { وَكَانَ اللهُ غَفُوراً } أي: لمن تاب إليه من شركه ونفاقه { رَّحِيماً } أي: بالمؤمنين؛ فبرحمته يدخلهم الجنة.