قوله: { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } يعني زيداً { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ } قال الله للنبي صلى الله عليه وسلم: { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ } أي: مظهره { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يطلّقها زيد من غير أن يأمره بطلاقها، فيتزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الكلبي: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى زيداً فأبصر قائمة فأعجبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله مقلِّب القلوب. فرأى زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هَوِيَها، فقال: يا رسول الله، ائذن لِي في طلاقها، فإن فيها كبراً، وإنها لتؤذيني بلسانها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتَّق الله وأمسك عليك زوجك. فأمسكها زيد ما شاء الله، ثم طلّقها. فلما انقضت عدتها أنزل الله نكاحَها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من السماء، فقال: { وَإِذْ تَقُولُ لِّلذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ... } إلى قوله: { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا }. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك زيداً فقال: ائتِ زينبَ وأخبرها أن الله زوَجنيها. فانطلق زيد فاستفتح الباب، فقيل: من هذا؟ قال: زيد. فقالت: وما حاجة زيد إليّ وقد طلّقني. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني. فقالت: مرحباً برسول رسول الله، ففُتِح له، فدخل عليها وهي تبكي. فقال زيد: لا تبكي، لا يُبك الله عينيك، قد كنتِ نعمت المرأة، أو قال: نعمت الزوجة، إن كنت لَتَبَرِّينَ قَسَمي، وتطيعين أمري، وتبتغين مسرّتي، فقد أبدلكِ الله خيراً منّي. فقالت: من؟ لا أبالك. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم. فخرّت ساجدةً ". قوله: { وَتَخْشَى النَّاسَ } أي: وتخشى عيب الناس، أي: يعيبوا ما صنعت. قوله: { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً } والوطر: الحاجة { زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ } أي: إثم { فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً }. فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، زعمت أن حليلة الابن لا تحلّ للأب، وقد تزوّجت حليلة ابنك زيد. فقال الله: { لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ } أي: إثم، في أزواج أدعيائهم، أي: إن زيداً كان دعياً، ولم يكن بابن محمد. قال الله:{ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } [الأحزاب: 40]. قال: { وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً }.