قوله: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ } أي: أنعم الله بها على خلقه { لِيُرِيَكُم مِّنْ ءَايَاتِهِ } أي: جريُ السفن من آياته { إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } ، وهو المؤمن.
قوله: { وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ } أي: كالجبال. وقال في آية أخرى:{ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ } [هود: 42]. وقال في آية أخرى:{ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } [الأعراف: 171]. قال: { دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [يعني التوحيد] { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ } وهذا المؤمن. وأما الكافر فعاد في غدره. قال: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ } أي: غدّار { كَفُورٍ }. يقول: أخلص لله في البحر للمخافة من الغرق، ثم غدَر فأشرك. كقوله:{ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت: 65].
قوله: { يَآأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً } أي: واتقوا يوماً، يعني العقاب فيه { لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ } أي: لا يفديه من عذاب الله { وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً } أي: لا يفتديه من عذاب الله { إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ } يعني البعث والحساب، والجنة والنار. { فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ } وهي تقرأ على وجهين: الغَرور والغُرور. فمن قرأها الغَرور فهو يريد الشيطان، ومن قرأها الغُرور فهو يريد غُرور الدنيا، [وهو أباطيلها]، كقوله:{ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ } [الحديد: 20].