الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله: { ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ } ثم ذكر ذلك المثل فقال: { هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي: هل يشارك أحدكم مملوكه في زوجته وماله؟ { فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ } أي: تخافون لائمتهم { كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي: كخيفة بعضكم بعضاً، أي: إنه ليس أحد منكم هكذا، فأنا أحق ألا يُشرَك بعبادتي غيري، فكيف تعبدون غيري دوني، تشركونه في ألوهيتي وربوبيتي؟ وهو مثل قوله:وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ } [النحل: 71] قال: { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ } يعني نبيّن الآيات { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } وهم المؤمنون.

قال: { بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَآءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ } أتاهم من الله بعبادة الأوثان { فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ } أي: لا أحد يهديه { وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ }.

قال: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً } أي: مخلصاً، في تفسير الحسن. وقال الكلبي: مسلماً { فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } أي: خلق الله الذي خلق الناس عليه، وهو قوله:وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } [الأعراف: 172].

قال بعضهم: إن أوَّل ما خلق الله القلم فقال: اكتب. فقال: ربّ، وما أكتب؟ قال: ما هو كائن. فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة؛ قال: فأعمال العباد تعرض كل يوم اثنين وخميس فيجدونه على ما في الكتاب الأول. ثم أخرج الله من ظهر آدم كل نسمة هو خالقها، فأخرجهم مثل الذر، فقال:أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا بَلَى } ثم أعادهم في صلب آدم، ثم يكتب بعد ذلك العبد في بطن أمه شقياً أو سعيداً على الكتاب الأول. فمن كان في الكتاب الأول شقياً عُمِّر حتى يجري عليه القلم فينقض الميثاق الذي أُخذ عليه في صلب آدم فيكون شقياً. ومن كان في الكتاب الأول سعيداً عُمِّر حتى يجري عليه القلم فيؤمن فيصير سعيداً. ومن مات صغيراً من أولاد المؤمنين قبل أن يجري عليه القلم فهو مع آبائه في الجنة من ملوك أهل الجنة، لأن الله يقول:وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } [الطور: 21].

ذكروا عن الحسن قال: " توفي ابن رجل من الأنصار فقعد في بيته. فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنه، فقال سعد: يا رسول الله، توفي ابنه فقعد في بيته. ثم لقي الرجلَ سعدٌ فقال: إن رسول الله، قد ذكرك اليومَ. فأتى الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، تُوفّي ابني فقعدت في بيتي. فقال رسول الله: أما ترضى أن تكفى مؤونته في الدنيا وألا تأتي على باب من أبواب الجنة إلا وجدته بإزائه ينتظرك؟ ".


السابقالتالي
2