قوله: { مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } أي المنافق من المؤمن. وقد ميّز المنافقين من المؤمنين يوم أحد. وقال بعضهم: يعني الكفار؛ لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة، حتى يميز الخبيث من الطيب، فميَّزَ بينهم بالجهاد والهجرة. قوله: { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ } ذكروا أن المنافقين قالوا: ما شأن محمد، إن كان محمد نبياً لا يخبرنا بمن يؤمن به قبل أن يؤمن به. فقال الله: { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغَيْبِ }. { وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ }. يقول: يستخلص من رسله من يشاء فيطلعه على ما يشاء من الغيب، ثم يعرضه عليكم. كقوله:{ عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ } [الجن:25-26]. قوله: { فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } أي: الجنة. قوله: { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم } أي ليس ذلك بخير لهم { بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ }. قال مجاهد: يعني اليهود. { سَيُطَوَّقونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ }. ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يجيء كنز أحدكم يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان فيقول: أنا كنزك فيطلبه، فما زال يطلبه حتى يُلْقِمَهُ يده فيقضقضها حتى يأتي على سائر بدنه ". قال الكلبي: يُطَوَّق شجاعين في عنقه فيلدغان جبهته ووجهه فيقول: أنا كنزك الذي كنزت، أنا الزكاة التي بَخِلت بها. وقال بعضهم: يحملونها على رقابهم وظهورهم فلا تقبل منهم. وقال مجاهد: سيكلَّفون أن يأتوا بما بَخِلوا به يوم القيامة. قوله: { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي يبقى وتفنون أنتم. { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خِبِيرٌ }.