الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ }

قوله: { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } أي الموت بالسيوف في أيدي الرجال.

إن المؤمنين لما أخبرهم الله بما فعل بمن استشهد منهم يوم بدر ومنازلهم في الجنة في هذه الآية:وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ } .. إلى آخر الآية [آل عمران: 169-170] لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآية رغبوا في ذلك وقالوا: اللهم ربّنا أرِنا قتالاً لنستشهد فيه؛ فأراهم الله إياه يوم أُحد؛ فلم يثبت منهم إلا من شاء الله. نزلت هذه الآية في الشهداء في هذا الموضع قبل هذه الآية: { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ } وهي بعدها في التأليف.

وقال بعضهم: قال أناس من المسلمين لم يشهدوا يوم بدر والذي أعطى الله أهل بدر من الفضل والشرف، وكانوا يتمنَّون أن يرَوْا قِتالاً فيقاتلوا؛ فَسِيق إليهم القتال، حتى كان القتال بناحية المدينة يومَ أُحد، فقال الله ما تسمعون: { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }.

قوله: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } أي إلى الشرك { وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً } أي إنما يضر نفسه. وقد أخبر الله محمداً أنه لا يُقتَل أبداً ولا يُظْهَر عليه بقتل أبداً فقال:وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ } [الإِسراء:60] فمنعتك منهم أن يصلوا إليك. قال: { وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ } أي المؤمنين، يجزيهم الجنة.

وقال بعضهم: ذلك يوم أحد حين أصابهم القرح والقتل، فتنازعوا نبي الله على تفئة ذلك، فقال أناس منهم: لو كان نبياً ما قتل، وقال أناس من علية أصحاب النبي عليه السلام: قاتلوا على ما قاتل عليه نبيكم حتى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به: فقال الله: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } ، أي: كفاراً بعد إيمانكم.