{ وَابْتَغِ فِيمَآ ءَاتَاكَ اللهُ } أي: من هذه النعم والخزائن { الدَّارَ الأَخِرَةَ } أي: الجنة { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا } أي: اعمل في دنياك لآخرتك، في تفسير بعضهم. ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: { وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا } ، أي: طاعة الله وعبادته.
{ وَأَحْسِن } أي: فيما افترض الله عليك { كَمَآ أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ } أي: المشركين في هذا الموضع.
{ قَالَ } قارون { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي } أي: إنما أعطيته، يعني ما أعطي من الدنيا، على علم عندي، أي: بقوتي وعلمي، وهي مثل قوله:{ ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ } قال الله:{ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ } أي: بليّة{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 49].
قوله: { أَوَلَمْ يَعْلَمْ } قارون، أي: بلى قد علم، وهذا على الاستفهام { أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ } من قبل قارون { مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً } أي: من الجنود والرجال.
قال الله: { وَلاَ يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ } أي: المشركون والمنافقون، أي: ليعلم ذنوبهم منهم، أي: يُعرَفون بسواد وجوههم وزرقة عيونهم، كقوله:{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [الرحمن: 39]، وكقوله:{ يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ } [الرحمن: 41] أي: يجمع بين ناصيته وقدمه.