قال الله: { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ } أي: في الليل { وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ } أي: بالنهار. وهذا رحمة من الله للمؤمن والكافر فأما المؤمن فتتمّ عليه رحمة الله في الدنيا والآخرة، وأما الكافر فهي رحمة له في الدنيا، وليس له في الآخرة نصيب. قال: { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي: ولكي تشكروا. قوله: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } وهي مثل الأولى. قال: { وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً } أي: جئنا برسولهم، كقوله:{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلآءِ شَهِيداً } [النساء: 41]، وكقوله:{ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإمَامِهِمْ } [الإِسراء: 71] أي: بنبيّهم، وقال بعضهم: بكتابهم قال: { فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ } أي: حُجَّتكم، في تفسير الحسن، أي: بأن الله أمركم بما كنتم عليه من الشرك. وقال بعضهم: { هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ } أي: بيّنَتَكم. قال: { فَعَلِمُوا } أي: يومئذ { أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ } أي: التوحيد { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } يعني أوثانهم التي كانوا يعبدون. قوله: { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى } ، كان ابن عمه، أخي أبيه { فَبَغَى عَلَيْهِمْ } كان عاملاً لفرعون فتعدّى عليهم وظلمهم { وَءَاتَيْنَاهُ } يعني قارون أعطيناه { مِنَ الْكُنُوزِ } أي: من الأموال { مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ } قال بعضهم: خزائنه، يعني أمواله، وقال بعضهم: مفاتح خزائنه { لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ } أي: لتثقل العصبة { أُولِي القُوَّةِ } أي: من الرجال، والعصبة الجماعة، وهم ها هنا أربعون رجلاً. { إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ } إذ قال له موسى والمؤمنون من بني إسرائيل { لاَ تَفْرَحْ } أي: لا تبطر { إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ } أي: المرحين المشركين الذين يفرحون بالدنيا ولا يفرحون بالآخرة، أي: لا يؤمنون بها، لا يرجونها. وقال في آية أخرى:{ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا } ، وهم المشركون. وقال مجاهد: { لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ } [المُتَبَذِّخِينَ] الأَشِرين البَطِرِين الذين لا يشكرون الله فيما أعطاهم، وهو واحد.