الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

قوله: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ } يعني التوراة { مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القُرُونَ الأُولَى بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي: لكي يتذكروا. فكانت التوراة أول كتاب نزل فيه الفرائض والحدود والأحكام. قوله: { مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا القُرُونَ الأُولَى } أي: قرناً بعد قرن، كقوله: على مقرأ هذا الحرف:وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَآ أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ } [هود: 102].

قوله: { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغَرْبِيِّ } [أي: غربي] الجبل { إِذْ قَضَيْنَآ إِلَى مُوسَى الأَمْرَ } أي: الرسالة. { وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ } أي: لم تكن شاهداً يومئذ لذلك.

قال: { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ } كان بين عيسى ومحمد عليهما السلام خمسمائة سنة. وبعضهم يقول: ستمائة سنة. { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً } أي: ساكناً { فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِنَا } [قال بعضهم: أي: لم تكن يا محمد مقيماً بمدين فتعلم كيف كان أمرهم فتخبر أهل مكة بشأنهم وأمرهم]. { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ }. كقوله:أَمْراً مِّن عِندِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } [الدخان: 5].

قال: { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } أي: نودي: يا أمة محمد، أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني. قال: { وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً } يعني قريشاً { مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أي: لكي يتذكروا.

قوله: { وَلَوْلآ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ } يعني المشركين { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِم } أي: بالذي هم عليه من الشرك. والمصيبة في هذا الموضع العذاب. يقول: ولو عذّبناهم لاحتجّوا وقالوا: { فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلآ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ }. فقطع الله عذرهم بمحمد فكذَّبوه.