الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ }

قال: { إِلاَّ الذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

قال الحسن وسعيد بن المسيَّب: توبته فيما بينه وبين الله تنفعه، ولا شهادة له. أي: إنهما رجعا إلى أول الآية: { وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً }.

ذكر سعيد بن المسيّب أن عمر بن الخطاب قال للذين شهدوا على المغيرة بن شعبة حين جلدهم: من رجع منكم عن شهادته أجزنا شهادته، ثم تلا هذه الآية: { إِلاَّ الذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } يعني أن رجوعهم عن الشهادة هي توبتهم. وقال بعضهم: يقوم على رؤوس الناس فيُكذِب نفسَه.

وذكر عكرمة عن ابن عباس قال: لم تقبل لأبي بكرة شهادة لأنه لم يرجع عن شهادته؛ ولو رجع عن شهادته لقبلت شهادته. ويقول ابن عباس بهذا نأخذ، وعليه نعتمد. وهو قول أبي عبيدة والعامة من فقهائنا. قال أبو عبيدة: شهادة كل من أقيم عليه الحد جائزة إذا تاب وأصلح.

قوله: { وَالذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. وَالخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ }.

{ وَيَدْرَؤُا عَنْهَا العَذَابَ } أي: عن المرأة، والعذاب: الحدّ، يعني الرجم إن كان دخل بها، أو أحصنت قبله، والجلد إن لم تكن مُحصَنة { أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ وَالخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَآ إِنْ كَانَ } أي: زوجها { مِنَ الصَّادِقِينَ } أي: في قذفه إياها. [وذلك إذا ارتفعا إلى الإِمام، وإن لم يرتفعا إلى الإِمام فهي امرأته].

وإن ارتفعا إلى الإِمام فثبت على قذفها قال أربع مرات عند الإِمام: أشهد بالله إني لصادق، أشهد بالله أني لصادق، أشهد بالله إني لصادق، أشهد بالله إني لصادق، ثم يقول الخامسة: إن لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين. وتقول هي أربع مرات: أشهد بالله إنه لكاذب، أشهد بالله إنه لكاذب، أشهد بالله إنه لكاذب، أشهد بالله إنه لكاذب، تعني زوجها، ثم تقول الخامسة: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ثم يفرّق بينهما فلا يجتمعان أبداً.

فإن أكذب نفسه قبل أن يفرغا من الملاعنة جلد حدّ القذف، ثمانين، وهي امرأته.

وإن لاعنها في إنكار ولدها ألحق الولد بها إذا لم تكن حبلى قبل أن يلاعنها ولم يعرف أنه دخل بها، وهي عصبته، وعصبتها بعدها.

فإن أكذب نفسه وقد بقي من الملاعنة شيء في ذلك قولان: أحدهما أنه يجلد حد القاذف ويفرّق بينهما ولا يجتمعان أبداً، وهو قول أبي عبيدة والعامة من فقهائنا. وقال ابن عبد العزيز: يجلد حدّ القاذف وهي امرأته، وعامة الناس كلهم على هذا القول، والولد ولده في قولهم جميعاً.

السابقالتالي
2