الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا بَلَغَ ٱلأَطْفَالُ مِنكُمُ ٱلْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا ٱسْتَأْذَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

قوله: { وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأذَنَ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } يعني من احتلم. { كَذَلِكَ } أي: هكذا { يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ } بخلقه { حَكِيمٌ } في أمره.

قوله: { وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ } أي: التي قعدت عن المحيض والولد { اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً } أي: اللاتي لا يردن نكاحاً، قد كبُرن عن ذلك { فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ } أي: غير متزيّنة ولا متشوِّفة. [قال قتادة: رخص للتي لا تحيض ولا تحدث نفسها بالأزواج أن تضع جلبابها] وأما التي قعدت عن المحيض ولم تبلغ هذا الحدّ فلا. والجلباب الرداء الذي يكون فوق الثياب، وإن كان كساء أو ساجاً أو ما كان من ثوب.

قال: { وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ } يعني اللاتي لا يرجون نكاحاً عن ترك الجلباب { خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

قوله: { لَّيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ } قال الكلبي: إن أهل المدينة قبل أن يسلموا كانوا يعتزلون الأعمى والأعرج والمريض ولا يواكلونهم. وكانت الأنصار فيهم تنزّه وتكرّم، فقالوا: إن الأعمى لا يبصر طيّب الطعام، والأعرج لا يستطيع الزحام عند الطعام، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح، فاعزلوا لهم طعامهم على ناحية، وكانوا يرون أن عليهم في مواكلتهم جناحاً. وكان الأعمى والأعرج والمريض يقولون: لعلّنا نؤذيهم إذا أكلنا معهم، فاعتزلوا مواكلتهم، فأنزل الله: { لَّيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ } أي: ليس عليكم حرج في ذلك ولا على الذين تأثموا من أمرهم، ليس عليهم في ذلك حرج.

وبعضهم يقول: كان قوم من أصحاب النبي عليه السلام يغزون ويخلفون على منازلهم من يحفظها، فكانوا يتأثَّمون أن يأكلوا منها شيئاً. فرخّص لهم أن يأكلوا منها.

وقال بعضهم: كانوا يخلفون عليها الأعمى والأعرج والمريض والزمني الذين لا يخرجون في الغزو فرخّص لهم أن يأكلوا منها.

وقال بعضهم: مُنِعت البيوت زماناً؛ كان الرجل لا يتضيّف أحداً ولا يأكل في بيت أحد تأثماً من ذلك.

[قال يحيى بلغني أن] ذلك كان حين نزلت هذه الآية:يَآأيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَأكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ } [النساء: 29] فكان أول من رخَّص الله له الأعمى والأعرج والمريض، ثم رخص الله لعامّة المؤمنين؛ فقال:

{ وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاَتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقكُمْ } فلا بأس أن يأكلوا من بيوت هؤلاء بغير إذن.

قوله: { أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ } قال بعضهم: هم الذين خُلِّفوا على تلك المنازل وجعلت مفاتحها بأيديهم.

السابقالتالي
2 3