قوله: { فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَآ أَحَداً } يعني البيوت المسكونة { فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا }. قال بعضهم: أي: لا تقف على باب قوم ردّوك عن بيتهم، فإن للناس حاجات، ولهم أشغال. قال: { هُوَ أَزْكَى لَكُمْ } أي: خير لكم { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }. قوله: { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ } أي: حرج، أي: إثم. { أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ } يعني الخانات، وهي الفنادق { فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ } أي: ينزلها الرّجلُ في سفره فيجعل فيها متاعَه، فليس عليه أن يستأذن في ذلك البيت لأنه ليس له أهل يسكنونه. [وقال السّديّ: { فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ }: منافع لكم من الحرّ والبرد]. { وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } أي: ما تعلنون { وَمَا تَكْتُمُونَ } أي: ما تسِرّون في قلوبكم. قوله: { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ } [يعني يغضوا أبصارهم عن جميع المعاصي. { مِنْ } ها هنا صلة]. وقال بعضهم: أي: عما لا يحل لهم من النظر. ذكروا عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي عن أبيه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النظرة فجأة فقال: " غُضَّ بصرك ". قوله: { وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } أي: عما لا يحل لهم. وهذه الآية في الأحرار والمملوكين. { ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } أي: بما يفعلون. قوله: { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } أي: يغضضن أبصارهن عما لا يحل لهنّ من النظر. وهذه في الحرائر والإِماء. قوله: { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا }. قال بعضهم: { إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } الثياب. وكذلك قال الحسن. ذكروا عن مجاهد عن ابن عباس قال: ما ظهر منها: الكحل والخاتَم. ذكروا عن عائشة أنها سئلت عن الزينة الظاهرة فقالت: القُلْب، تعني السِّوار، والفَتَخة، تعني الخاتَم الذي لا فصّ له. وقالت بثوبها على كوعها فسترته. قالت العلماء: هذه الآية في الحرائر؛ وأما الإِماء فإن عمر بن الخطاب رأى أمة عليها قِناع فعلاها بالدّرّة وقال: اكشفي عن رأسك لا تتشبّهي بالحرائر. ذكروا عن أنس بن مالك قال: كُنّ جواري عمر يخدمننا كاشفاتٍ رؤوسهن تضطرب ثديّهن، بادية خِدامهن. قوله: { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } أي: تسدل الخمار على جيبها، وهو نحرها. { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } وهذه الزينة الباطنة؛ وهما زينتان، زينة ظاهرة، وقد فسّرناها، وزينة باطنة وسنفسرها إن شاء الله. { إلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ } أي: أزواجهن { أَو ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ } أي: آباء أزواجهن. { أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوِ إخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ } المسلمات اللاتي يرين منها ما يراه ذو المحرم؛ ولا ترى ذلك منها اليهودية ولا النصرانية. { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ }.