الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي: أن يظهر الزنا في تفسير قتادة] { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } وهم المنافقون. كانوا يحبون ذلك ليعيبوا به النبي عليه السلام ويغيظوه. قال تعالى: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }.

وعذاب الله في الدنيا للمنافقين أن تؤخذ منهم الزكاة كرهاً، وما ينفقون في الغزو كرهاً. قال الله تعالى في براءة:وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } [التوبة: 54].

قوله: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } وهو مثل قوله الأول. أي: لأهلككم واستأصلكم، يعني الذين قالوا ما قالوا. وليس يعني بالفضل والرحمة عبد الله بن أبي ابن سلول فيهم، وقد ذكره بعد هذه الآية أنه في النار. قوله: { وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } أي: بالمؤمنين. وقد نفى الرحمة على الزاني والزانية في أول السورة لأنهم ليسوا بمؤمنين.

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } أي: خطايا الشيطان؛ وبعضهم يقول: أمر الشيطان. قال: { وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ } أي: فإن الشيطان { يَأْمُرُ } بالخطيئة ويأمر { بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } قال: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } وهي مثل الأولى { مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ } أي: ما صلح منكم من أحد { أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي } أي: يصلح { مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

قوله: { وَلاَ يَأْتَلِ } أي: ولا يحلف { أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ } يعني الغنى { أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق ومسطح. وكان بين مسطح وبين أبي بكر قرابة، وكان يتيماً في حجره، وكان ممن أذاع على عائشة ما أذيع. فلما أنزل الله براءتها وعذرها ائتلى أبو بكر، أي: حلف، ألا يرزأه خيراً أبداً. فأنزل الله هذه الآية، [أي: فكما تحبّون أن يغفر الله لكم فاعفوا واصفحوا].

ذكروا أن النبي عليه السلام دعا أبا بكر فتلاها عليه ثم قال: يا أبا بكر، ألا تحبَّ أن يعفو الله عنك؟ قال: بلى، قال: فاعف وتجاوز. فقال أبو بكر: لا جرم والله لا أمنعه معروفاً كنت أوليه إياه قبل اليوم.

ذكروا عن عائشة قالت: كفَّر أبو بكر يمينه لذلك.