الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

قوله: { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } قال بعضهم في قوله تعالى:قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس: 58] قال: فضل الله الإِسلام، ورحمته القرآن.

وقال بعضهم: (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ) يعني ولولا منّ الله (عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) رحمته ها هنا: نعمته، أي: لأهلك الكاذب من المتلاعنين.

{ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ } على من تاب من ذنبه { حَكِيمٌ } أي: في أمره، إذ جعل للمتلاعنين متاباً ومرجعاً.

قوله: { إِنَّ الذِينَ جَآءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ } أي: جماعة منكم.

قال بعضهم: هذا كان في شأن عائشة وما أذيع عليها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأخذ الناس في الرحيل، فانقطعت قلادة لها، فطلبتها في المنزل ومضى الناس. وقد كان صفوان بن المعطل تخلّف عن المنزل قبل ذلك. ثم أقبل فوجد الناس قد ارتحلوا، وهو على بعيره. فإِذا هو بعائشة، فجاءها ببعيره وولاّها ظهره حتى ركبت. ثم قاد بها، فجاء بها وقد نزل الناس. فتكلّم بذلك قوم واتَّهَمُوها.

بلغنا أن عبد الله بن أُبَي بن سلول وحسّان بن ثابت ومسطحاً وحمنة بنت جحش هم الذين تكلّموا في ذلك ثم شاع ذلك في الناس. فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أنزل الله عذرها جلد كل واحد منهم الحد. وقوله: { إِنَّ الذِينَ جَآءُو بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ } يعني هؤلاء.

ثم قال تعالى: { لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم } يعني عائشة وصفوان، يعني ما قيل فيهما { بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنْهُم } أي: من الذين قالوا ما قالوا { مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ } أي ما اقترف من الذنب على قدر ما أشاع.

{ وَالذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ } أي: الذي بدأ به { لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } قال بعضهم: هو مسطح، فذهب بصره و هو العذاب العظيم. وقال بعضهم: هو عبد الله ابن أبيّ بن سلول المنافق، له عذاب عظيم، أي: جهنم، فلا أعظم من ذلك.