الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } قوله: { سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا } أي: هذه سورة أنزلناها { وَفَرَضْنَاهَا } أي: ما فرض في هذه السورة من فرائضه، وحدَّ فيها من حدوده، وسنَّ فيها من سننه وأحكامه، وهي تقرأ على وجهين: على التخفيف والتثقيل: فرَضناها وفرّضناها. يعني ما فرض الله فيها وسنّ فيها. { وَأَنْزَلْنَا فِيهَآ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي: لكي تذكروا.

قوله: { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلُدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائةَ جَلْدَةٍ } وهذا في الأحرار إذا لم يكونا محصنين. فإن كانا محصنين رُجِما، وأما المملوكان فيجلدان خمسين خمسين إذا أحصنا، وليس عليهما رجم.

ولا يقام حدّ الزنا على أحد حتى يشهد عليه أربعة أحرار عدول يأتون جميعاً غير متفرقين. حراً كان الزاني أو مملوكاً. فإن شهد أربعة على امرأة، أحدهم زوجها، ففي ذلك اختلاف؛ فبعضهم يقول: الزوج أجوزهم شهادة، إذا جاءوا معاً رجمت بشهادتهم، وبعضهم يقول: لا ترجم، ويلاعنها زوجها، ويجلد الثلاثة ثمانين ثمانين جلدة.

فأما الرجل الزاني فتوضع عنه ثيابه إذا جلد، وأما المرأة فيترك عليها من الثياب ما يصل إليها الجلد.

وإن أقر الرجل على نفسه بالزنا وكان حراً أقيم عليه الحد. والجلد في الزنا بالسوط.

قال بعضهم: " بلغنا أن رجلاً أقرّ عند رسول الله بالزنا فدعا بسوط، فأتي بسوط مكسور فقال: فوق هذا، فأتى بسوط [جديد] لم تقطع ثمرته فقال: دون هذا. فأتي بسوط قد رُكِبَ به ولان، فأمر به، فجلد جلداً بين الجلدين " وكان بعضهم يقول: الحد في الزنا [المتح] الشديد.

وقال: { وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ } أي: الجلد الشديد. [سعيد عن الحسن وعطاء قالا: أي: حتى لا تعطل الحدود].

ذكر عكرمة عن ابن عباس قال: لا يقام الحد حتى يشهدوا أنهم رأوه يدخل كما يدخل المرود في المكحلة.

قال بعضهم: وأما الرجم فهو في مصحف أبي بن كعب. وهو في مصحفنا أيضاً في سورة المائدة في قوله:إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيونَ الذِينَ أَسْلَمُوا لِلذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ } [المائدة: 44] حيث رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهوديين حين ارتفعوا إليه.

ذكروا عن [زرّ بن حبيش قال: قال لي] أبيّ بن كعب: كم تقرأون سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثاً وسبعين آية. قال: قط؟ قلت: قط. قال: فوالله لتوازي سورة البقرة، وإن فيها لآية الرجم. قلت: وما آية الرجم، يا أبا المنذر؟ قال: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله و الله عزيز حكيم. وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير واحد.

قال بعضهم: كان عمر يقول: نزل الرجم في كتاب الله، ورجم عمر ورجم عثمان ورجم علي.

السابقالتالي
2