الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنْشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { بَلْ قَالُواْ مِثْلَ مَا قَالَ ٱلأَوَّلُونَ } * { قَالُوۤاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } * { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } * { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

قوله: { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ } يعني ذلك الجوع في سبع سنين. { فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } يقول: لم يؤمنوا، وقد سألوا أن يرفع ذلك عنهم فيؤمنوا. فقالوا:رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ } [الدخان: 12] وهو ذلك الجوع { إِنَّا مُؤْمِنُونَ }. فكشف الله عنهم فلم يؤمنوا.

قال: { حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ } يعني يوم بدر؛ أي: القتل بالسيف، نزلت بمكة قبل الهجرة، فقتلهم الله يوم بدر. قال: { إذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } أي: يئسون [يئسوا من كل خير].

قوله: { وَهُوَ الذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ } يعني سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } أي: أقلّكم من يشكر، أي: من يؤمن.

قوله: { وَهُوَ الذِي ذَرَأَكُمْ } أي: خلقكم { فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي: يوم القيامة.

قوله: { وَهُوَ الذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلاَفُ الّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } يقوله للمشركين، يذكّرهم نعمته عليهم؛ يقول: فالذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة، والذي يحيي ويميت، والذي له اختلاف الليل والنهار قادر على أن يحيي الموتى.

قال: { بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ }. ثم أخبر بذلك القول فقال: { قَالُوا أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ. لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَا هذَا مِن قَبْلُ } أي: وعدنا أن نبعث نحن وآباؤنا فلم نبعث، كقوله:فَأتُوا بئَابَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [الدخان: 36]. قوله: { إِنْ هذَآ إِلآ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ } أي: كذب الأولين وباطلهم. فأمر الله نبيّه أن يقول لهم:

{ قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } وقال: { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُل } أي: وإذا قالوا ذلك فقل { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } فتؤمنوا وأنتم تُقِرّون أن الأرض ومن فيها لله.

ثم قال: { قُل } لهم يا محمد { مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ } قال: { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } فإذا قالوا ذلك { قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } وأنتم تقرون أن الله خالق هذه الأشياء، وهو ربها. وقد كان مشركو العرب يقرّون بهذا كله.

ثم قال: { قُلْ } لهم يا محمد { مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } { مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } أي: ملك كل شيء وخزائنه. { وَهُوَ يُجِيرُ } من يشاء، فيمنعه فلا يوصل إليه { وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي: من أراد أن يعذّبه لم يستطع أحد منعَه { إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }.

ثم قال: { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } فإذا قالوا ذلك { قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } أي: عقولكم، يشبّههم بقوم مسحورين، ذاهبة عقولهم. ثم قال: { بَل أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ } أي: بالقرآن، أنزله الله على النبي عليه السلام { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.

{ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِن وَلَدٍ } وذلك لقول المشركين: الملائكة بنات الله. قال: { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِن إلهٍ }. وذلك لما عبدوا من الأوثان واتخذوا مع الله الآلهة قال: { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إلهٍ بِمَا خَلَقَ } [يقول: لو كان معه آلهة إذاً لذهب كل إله بما خلق] { وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } أي: لطلب بعضهم هلاك ملك بعض، حتى يعلو عليه كما يفعل ملوك الدنيا.

{ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ } ينزّه نفسه عما يكذبون. { عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ } قال الحسن: الغيب ها هنا ما لم يجئ من غيب الآخرة، والشهادة ما أعلم العباد. { فَتَعَالى } أي: ارتفع الله { عَمَّا يُشْرِكُونَ } رفع نفسه عما قالوا.