قوله: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّن إلهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ فَقَالَ المَلأُ الذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } يقوله بعضهم لبعض: { يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } أي: بالرسالة، وما له عليكم من فضل.
قال: { وَلَوْ شَآءَ اللهُ لأَنْزَلَ مَلآئِكَةً } ولو أنزل ملائكة لآمنا بهم. { مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي ءَابَآئِنَا الأَوَّلِينَ } أي: أن رجلاً ادّعى النبوّة.
{ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } أي: جنون { فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ } قال بعضهم: حتى يموت، وقال بعضهم: حتى يستبين جنونه.
{ قَالَ } أي: نوح { رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } وقال في آية أخرى:{ إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ } [القمر: 10].
قال: { فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحَيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا } أي: فاحمل فيها { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ } وقد فسّرنا ذلك في سورة هود.
قوله: { وَأَهْلَكَ } أي: واحمل فيها أهلك { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ مِنْهُمْ } أي: ابنه الذي غرق. والقول: الغضب { وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الذِينَ ظَلَمُوا } أي: [ولا تراجعني في الذين ظلموا] { إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ }.
قوله: { فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الفُلْكِ } وكان معه امرأته، وثلاثة بنين له: سام وحام ويافث، ونساؤهم، فجميع من كان في السفينة ثمانية. { فَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الذِي نَجَّانَا مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ } أي: المشركين. وقال في آية أخرى:{ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ مَجْراهَا وَمُرْسَاهَآ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } [هود: 41].
قال بعضهم: قد بَيَّن الله لكم ما تقولون إذا ركبتم في البر، وما تقولون إذا ركبتم في البحر، إذا ركبتم في البرّ قلتم:{ سُبْحَانَ الذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّآ إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } [الزخرف: 13-14] وإذا ركبتم في البحر قلتم: { بِسْمِ اللهِ مَجْراهَا وَمُرْسَاهَآ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.