الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ } * { وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } * { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ }

قوله: { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ } يعني الذين بعث الله إليهم شعيباً. قال: { وَكُذِّبَ مُوسَى } أي: كذّبه فرعون وقومه { فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ } والذين كفروا، يعني جميع هؤلاء لم أهلكهم عند تكذيبهم رُسُلهم، حتى جاء الوقت الذي اردت أن أهلكهم فيه. { ثُمَّ أَخَذتُهُمْ } أي: بالعذاب حين جاء الوقت { فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي: عقابي، أي: كان شديداً. يحذّر بذلك المشركين.

قوله: { فَكَأَيِّن مِّنْ قَرْيَةٍ } أي: فكم من قرية { أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ } يعني أهلكنا أهلها. { فَهِيَ خَاوِيَةٌ } أي: فالقرية خاوية ليس فيها أحد. قد هلك أهلها. فهي خاوية { عَلَى عُرُوشِهَا } أي: على بنيانها. وبعضهم يقول: العروش السقوف، صار أعلاها أسفلها { وَبِئرٍ مُّعَطَّلَةٍ } أي: باد أهلها فعطِّلت { وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } أي: مبني معطّل. [معطوف] على قوله معطّلة. وقال الكلبي: المشيد الحصين.

قوله: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ } يعني المشركين { فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَو ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } أي: لو ساروا وتفكروا لعاينوا ما نزل بإخوانهم من الكفار فيتوبون لو كانت لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها. { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التِي فِي الصُّدُورِ } أي: إنما أوتوا من قِبَل قلوبهم. ولو أن رجلاً كان أعمى بعد أن يكون مؤمناً لم يضرّه شيء وكان قلبه بصيراً.

وقال بعضهم: إنما هذه الأبصار التي في الرؤوس جعلها الله منفعة وبلغة، وأما البصر النافع فهو في القلب. وذكر لنا أنها نزلت في عبد الله بن زائدة.

ذكروا عن مجاهد قال: لكل عين، يعني نفساً، أربعة عيون: عينان في رأسه لدنياه، وعينان في قلبه لآخرته. فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه لم يضره عماه شيئاً. وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه لم ينفعه [بصره] شيئاً إذا عميت عينا قلبه. قال الله: { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التِي فِي الصُّدُورِ }.