الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُواْ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ } * { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } * { وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } * { قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } * { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } * { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } * { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } * { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } * { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً }

قال الله: { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ } أي كخوار البقرة. وقال مجاهد: له خوار، حفيف الريح فيه.

{ فَقَالُوا هَذَآ إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسَى فَنَسِيَ } أي فنسي موسى. يقول: إنما طلب هذا ولكنه نسيه، خالف في الطريق طريقاً اخر.

قال الله تعالى: { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ } أي: من قبل أن يرجع إليهم موسى حين اتخذوا العجل: { يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ } أي بالعجل { وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ } أي لا نزول { عَاكِفِينَ } أي نعبده { حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى }.

{ قَالَ } موسى لهارون لما رجع ورأى أنهم اتخذوا العجل: { يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي. قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } وقد قال في آية أخرى:وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } [الأعراف: 150].

{ إنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَاءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } أي: ولم تنتظر أمري، يعني الميعاد برجوعه، ولقد تركتهم وجئت، وقد استخلفتك فيهم. يقول لو اتبعتك وتركتهم لخشيت أن تقول لي هذا القول. ثم أقبل موسى على السامري فـ { قَالَ } له:

{ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ } أي ما حاجتك؟ { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ } يعني بني إسرائيل { فَنَبَذتُّهَا } أي: ألقيتها في العجل، أي حين صاغه، وكان صائغاً. فخار العجل، وهي في قراءة ابن مسعود: من أثر الفرس؛ كان أخذها من أثر فرس جبريل فَصَرَّها في عمامته يوم قطع البحر فكانت معه.

ذكر ابن عباس أن هارون أتى على السامري وهو يصنع. فقال: ما تصنع؟ قال: أصنع ما يضر ولا ينفع. فقال هارون: اللهم أعطه ما سألك على ما في نفسه. فلما صنعه قال: اللهم إني أسألك أن يخور، فخار العجل، وذلك لدعوة هارون.

قوله عز وجل: { وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } أي: وكذلك زيّنت لي نفسي: أي: وقع في نفسي إذا ألقيتها في العجل خار.

{ قَالَ } له موسى: { فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } أي: حياة الدنيا، أي: لا تماس الناس ولا يماسونك، فهذه عقوبتك في الدنيا ومن كان على دينك إلى يوم القيامة.

والسامرة صنف من اليهود؛ وبقايا السامرة حتى الآن بأرض الشام يقولون: لا مساس.

قال: { وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً } يعني يوم القيامة { لَنْ تُخْلَفَهُ } أي: توافيه فيجزيك الله فيه بأسوأ عملك. وقال بعضهم: { لَنْ تُخْلَفَهُ } أي: لن تغيب عنه.

{ وَانظُرْ إِلَى إلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً } أي: صرت عليه عاكفاً، أي: عابداً { لَّنُحرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي اليَمِّ نَسْفاً }.

قال بعضهم: [لَنبرِدَنَّهُ ثم لننسفنَّه في اليم نسفاً] وقال الكلبي: ذبحه موسى، ثم أحرقه بالنار، ثم ذَرَاه في البحر. وهذا في قول من قال: إنه تحوّل لحماً ودماً. وقوله: { لَنَنسِفَنَّهُ } هو حين ذَرَاه في البحر.