{ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى } أي: عن حجّتي { وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } أي عالماً بي حتى في الدنيا، وإنما علمه ذلك عند نفسه في الدنيا، كان يحاجّ في الدنيا. [جاحداً لما جاء من الله]. وقال بعضهم: أعمى عن الحق، أي: في الدنيا. قال الله عز وجل: { كَذَلِكَ أَتَتْكَ ءَايَاتُنَا } أي: لأنه أتتك آياتنا في الدنيا { فَنَسِيتَهَا } أي: فتركتها ولم تؤمن بها. { وَكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى } أي: تترك في النار. وقال بعضهم: نُسِي من الخير، أي ترك من الخير ولم ينس من الشر، أي: ولم يترك من الشر. قال عز وجل: { وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ } أي: من أشرك، أي أسرف على نفسه بالشرك { وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلعَذَابُ الأخِرَةِ أَشَدُّ } من عذاب الدنيا { وَأَبْقَى } أي: لا ينقطع أبداً. قوله عزّ وجلّ: { أفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ القُرُونِ } قال الحسن: أي: قد بيّنا لهم، مقرأه على النون، كيف أهلكنا القرون الأولى، يحذرهم ويخوفهم العذاب إن لم يؤمنوا. قال عزّ وجلّ: { يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ } أي: تمشي هذه الأمة في مساكن من مضى. أي يمشون عليها وإن لم تكن الديار قائمة ولكن المواضع، كقوله عز وجل:{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ القُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ } [هود: 100] أي منها قائم تراه، ومنها حصيد لا تراه. قال عز وجل: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَاتٍ لأُولِي النُّهَى } أي: لأهل العقول، وبعضهم يقول: لأهل الورع، وهم المؤمنون.