الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ }

{ وَمَن أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي } أي: فلم يتّبع هداي ولم يؤمن { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً } أي عذاب القبر.

وذكروا عن ابن مسعود قال: (مَعِيشَةً ضَنْكاً): عذاب القبر. قال: يلتئم على صاحبه حتى تختلف أضلاعه.

ذكروا أن الرجل المؤمن إذا وضع في قبره، فانصرف عنه الناس، أتاه صاحب القبر الذي وكل به، فأتاه من قبل جانبه الأيمن، فقالت له الزكاة التي كان يعطي: لا تفزعه من قِبَلي اليوم، ثم أتاه من قبل رأسه فقال له القرآن الذي كان يقرأ: لا تفزعه من قِبَلي اليوم. ثم جاءه من قبل رجليه فقالت الصلاة التي كان يصلّي: لا تفزعه من قِبَلي اليوم. ثم جاءه من جانبه الأيسر، فأيقظه إيقاظك الرجل الذي لا تحب أن تفزعه فقال له: من ربك؟ فقال: الله وحده لا شريك له. ثم قال له: من نبيّك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم. قال: فما دينك؟ قال: الإسلام، وعلى ذلك حييت، وعلى ذلك مت؟ قال: نعم، وعلى ذلك تبعث؟ قال: نعم. قال: صدقت. قال: فيفتح له في جنب قبره، فيريه منزله من الجنة وما أعد الله له من الكرامات، فيشرق وجهه، وتفرح نفسه، ثم يقال له: نم نوم العروس الذي لا يوقظه إلا أعز أهله عليه.

ويؤتى بالكافر فلا يجد شيئاً يحول دونه: لا صلاة ولا قراءة ولا زكاة، فيوقظه إيقاظك الرجل الذي تحبّ أن تفزعه، فيقول له: من ربّك؟ فيقول أنت. فيقول: من نبيّك؟ فيقول: أنت. فيقول: وما كان دينك؟ فيقول: أنت. فيقول: صدقت، لو كان لك إله تعبده لاهتديت له اليوم، فيفتح له في جنب قبره فيريه منزله من النار وما أعد الله له من العذاب، ويضربه ضربة يتناصل منها كل عظم من مفصله، فيسمعه الخلق إلا الثقلين: الإِنس والجن، ثم يقذف به في مقلى ينفخه نافخان لا يميل إلى هذا إلا رده إلى هذا، ولا يميل إلى هذا إلا رده إلى هذا حتى ينفخ في الصور النفخة الأولى فيقال له: اخمد؛ فيخمد حتى ينفخ في الصور النفخة الثانية؛ فيبعث مع الخلق فيقضى له كما يقضى لهم، لا راحة له إلا ما بين النفختين.

قوله عزّ وجلّ: { وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى } أي عن حجته. كقوله:وَمَن يَدْعُ مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ } [المؤمنون: 117] أي: لا حجة لديه.