قوله: { وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللهِ } أي القرآن { مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } أي: التوراة والإِنجيل { وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا } والاستفتاح الدعاء { فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }. قال بعض المفسّرين: كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى الله عليه وسلم على كفار العرب. كانوا يقولون: اللهم ايت بهذا النبي الذي يقتل العرب ويذلهم. فلما رأوا أنه من غيرهم حسدوه وكفروا به. قال الله: { فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }. قوله: { بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ } أي: باعوا به { أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللهُ بَغْياً } كفروا به حسداً { أَن يُنَزِّلَ اللهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ } أي: استوجبوا غضباً على غضب { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ }. قال بعض المفسرين: غضب على غضب: غضب عليهم بكفرهم بالإِنجيل، وغضب عليهم بكفرهم بالقرآن. وقال الكلبي: تفسير اشتروا به أنفسهم، يعني أحبارهم أن جحدوا نبي الله مخافة أن تذهب مأكلتهم فباعوا أنفسهم بما يصيبون فأهلكوا أنفسهم فصاروا في النار. قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ } أي بما بعده. كفرت اليهود بالإِنجيل وبالقرآن. قال الله: { وَهُوَ الحَقُّ } ويعني القرآن { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ } أي التوراة والإِنجيل، موافقاً للذي في كتبهم. قالوا: فإنك لم تأتنا بمثل الذي أتى به نبينا. ولم يكن لنا نبي إلا يأتينا بقربان تأكله النار. وكان أعداء الله يتولون آباءهم الذين قتلوا أنبياء الله من قبل، فلذلك يقول: { قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }. قال الحسن: يعني به أوَّليهم: يقول إن كانوا يؤمنون بما أنزل الله عليهم فليس فيما أنزل الله عليهم قتل أنبيائهم. فكذَّبهم الله في قولهم: { نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا }.