الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } * { ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِٱلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }

وقوله: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ } [أي لا يخرج بعضكم بعضاً] { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ } [أن هذا حق] { ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاَءِ } [قيل أراد يا هؤلاء] { تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم } [أي تعاونون عليهم] { بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [يعني الظلم] { وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ }.

قال الحسن: فنكثوا فجعل يقتل بعضهم بعضاً ويخرج بعضهم بعضاً من ديارهم يظاهرون عليهم بالإِثم والعدوان، وإن أسِر من أصحابهم أحد فادوهم.

وكان ذلك الفداء مفروضاً عليهم، فاختلفت أحكامهم، فقال الله: { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ } أي الفداء { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } أي القتل والإِخراج من الدور.

قوله: { فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا } قال الكلبي: الخزي النفي والقتل. فقتلت قريظة ونفيت النضير، أخزاهم الله بما صنعوا. وقال الحسن: الخزي الجزية.

قال الله: { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } يعنيهم. وهي تقرأ على ثلاثة أوجه: بالتاء جميعاً: تُرَدُّون وتعملون، والوجه الآخر بالياء؛ يقول للنبي: يُرَدُّونَ ويَعْمَلُونَ. والوجه الثالث يقوله لهم: فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌّ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ جَميعاً.

قوله: { أُوْلَئِكَ الَّذينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ } قال بعضهم: استحبّوا الحياة الدنيا على الآخرة؛ استحبوا قليل الدنيا، لأن ما فيها ذاهب، على كثير الآخرة الباقي. قال الحسن: اختاروا الحياة الدنيا على الآخرة.

قال: { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي ليس لهم ناصر ينصرهم من عذاب الله.