قوله: { أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ } يقول للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين أفتطمعون أن يصدقوكم، يعني به جماعة اليهود، وقد قال:{ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ } [البقرة:145]، يعنى به جماعتهم، لأن الخاصة قد تتبع قبلته. { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }. قال الحسن: التوراة، حرّفوا كلام الله في محمد والإِسلام، يجعلونها قراطيس يبدونها ويخفون كثيراً. وقد فسّرنا قول الكلبي فيها قبل هذا الموضع. وقول الحسن أحبّ إلي، والله أعلم. قوله: { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا } وهم اليهود { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ } أي بما بيّن الله لكم في كتابكم من بعث محمد عليه السلام. { لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }. { أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }. فما يسرون: مما قال اليهود بعضهم لبعض، وما يعلنون: إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا. وقال بعضهم: ما يسرّون كفرهم بمحمد وهم يجدونه مكتوباً عندهم. وقال مجاهد: هذا حين شَتَمهم النبيُّ وقال: يا إخوة القردة والخنازير قالوا: من حدّثه بهذا؟. قال الكلبي: قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم في كتابكم من أمر نبيهم ثم لا تتبعونهم ولا تدخلون في دينهم؟ فهذه حجة لهم عليكم ليحاجوكم بها عند ربكم. قالوا وهم يتلاومون: أفلا تعقلون. يقول الله لنبيه: أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون. وهذا قول علمائهم، وهم الذين كتموا وكذبوا فاتَّبَعتهم السوقة.