الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ } * { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } * { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ }

قوله: { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }.... إلى قوله: { فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ المَوْتَى وَيُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أي لكي تعقلوا.

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: قتل رجل ابن عمه فألقاه بين قريتين، فأعطوه ديتين فأبى أن يأخذ. فأتوا موسى فأوحى الله إليه أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها فشدّدوا فشدّد الله عليهم. ولو أنهم اعترضوا البقر أول ما أمروا لأجزاهم ذلك، حتى أمروا ببقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلّمة لا شية فيها، صفراء لا فارض ولا بكر، عوان. الفارض الكبيرة، والبكر الصغيرة، والعوان وسط بين ذلك. لا تثير الأرض ولا يُسنى عليها. فطلبوها أربعين سنة فوجدوها عند رجل بار بوالديه، والبقرة عليها باب مغلق، فبلغ ثمنها ملء مسكها دنانير. فذبحت، فضرب المقتول ببعضها فقام، فأخبر بقاتله، ثم مات.

وقال بعضهم: هو قتيل كان في بني إسرائيل من عظمائهم، فتفاقم به الشر فأوحى الله إلى موسى أن اذبحوا بقرة واضربوه ببعضها فإنه يحيا ويخبر بقاتله. ففعلوا فأحياه الله، فدل على قاتله ثم مات. وذكر لنا أنهم ضربوه بفخذها، وأن وليه الذي كان يطلب دمه هو الذي قتله من أجل ميراث كان بينهم، فلم يورث بعده قاتل.

وقال الكلبي: عمد رجلان أخوان من بني إسرائيل إلى ابن عمهما، أخي أبيهما، فقتلاه، وكان عقيماً، فأرادا أن يرثاه. وكانت لهما ابنة عم شابة مثلاً في بني إسرائيل، فخافا أن ينكحها ابن عمهما، فلذلك قتلاهُ.

قوله: { قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ } ذكروا عن الحسن قال: الفارض الهرِمة، والبكر الصغيرة والعوان بين ذلك. وقال بعضهم: العوان النصف بين الصغيرة والكبيرة. قال: { فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ }.

{ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا } عن الحسن قال: صافية الصّفرة. قال: { تَسُرُّ النَّاظِرِينَ }. قال بعضهم تعجب الناظرين.

{ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَآءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ }.

ذكروا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنما أُمِر القوم بأدنى البقر، ولكنهم لما شدّدوا شدّد الله عليهم، والذي نفسي بيده لو لم يستثنوا ما بُيِّنَت لهم إلى آخر الأبد ".

قوله: { قَال إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ } أي: صعبة لا ذلول { تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ }. ذكروا عن ابن عباس قال: لا ذلول: لا يُحرث عليها ولا تسقي الحرث، أي: لا يُسقى عليها. ذكر بعض المفسرين أنه قال: شدَّدوا فشُدِّدَ عليهم، فكلِّفوها وحشية.

قوله: { مُسَلَّمَةٌ }. قال: سليمة من العيوب. قال الحسن: مسلّمة القوائم والجسد، ليس فيها أثر رجل ولا يد للعمل. قوله: { لاَّ شِيَةَ فِيهَا } أي: لا بياض فيها. وتفسير مجاهد: لا سواد فيها ولا بياض.

قوله: { قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ } أي الآن بيّنتَ. قال الله: { فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ }.