{ وَءَامِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ } [يعني القرآن] { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } من الكتب. { وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } يعني قريظة والنضير، لأن نبي الله قدم عليهم المدينة، فعصوا الله، وكانوا أول من كفر به من اليهود، ثم كفرت خيبر وفدك، وتتابعت اليهود على ذلك من كل أرض. قال: { وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ }. يعني الآيات التي وصف الله بها محمداً عليه السلام في كتابهم، فأخفوها من الأميين والجهال من اليهود. وكان الذين يفعلون ذلك الرهط الذين سمّيت في أول السورة: كعب بن الأشرف وأصحابه. وكانت لهم مأكلة من اليهود كل عام، فذلك الثمن القليل. خافوا إن تابعوا محمداً عليه السلام أن تذهب مأكلتهم. وقال الحسن: هو مثل قوله:{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } [البقرة: 79]، يعني عرضاً من الدنيا يسيراً، وهو ما أخذوا عليه من الثمن. قوله: { وَلاَ تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ } أي لا تخلطوا الحق بالباطل. وقال بعضهم: ولا تلبسوا الإِسلام باليهودية والنصرانية. قوله: { وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي: وأنتم تعلمون أن محمداً رسول الله، وأن الإِسلام دين الله، يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإِنجيل. قوله: { وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } أي: مع المصلّين أهل الإِسلام، أمرهم أن يدخلوا في دين رسول الله. قوله: { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } أي: وتتركون العمل بما تأمرون به { وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ } بخلاف ما تفعلون { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ما تأمرون به. يعني أحبار اليهود والمنافقين. قوله: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ }. قال الحسن: استعينوا بالصبر على الصلاة وعلى الدين كله، فخص الصلاة [لمكانها] من الدين. وقال بعضهم: الصبر هاهنا الصوم. وقال بعضهم: استعينوا على الدنيا بالصبر والصلاة. قوله: { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ } أي: لثقيلة، يعني الصلاة. { إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } والخشوع هو الخوف الثابت في القلب. وقال بعضهم: { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } أي: إلا على المتواضعين، وهو كقوله:{ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } [الأنبياء:90] أي: متواضعين.