الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله: { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ } قال: هذا من حجة الله أيضاً وعجائبه. { وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } أي خراب. { قَالَ أنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } يعني كيف يحيي هذه الله بعد موتها. { فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ }.

قال بعض المفسّرين: هو عزيز، والقرية بيت المقدس بعدما خرج منها بخت نصّر، فقال: أنى تعمر هذه بعد خرابها. { قَالَ: كَمْ لَبِثْتَ، قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }. قال بعضهم: ذكر لنا أنه مات ضحى وبعث قبل غروب الشمس فقال: { لَبِثْتُ يَوْماً }؛ ثم التفت فرأى بقيّة من الشمس [ظنّ أنها] من ذلك اليوم فقال: { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }. { قَالَ } الله { بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهُ } أي لم يتغيّر. { وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ }.

قال بعض المفسّرين: أول ما خلق الله منه رأسه، ثم ركبت فيه عيناه، ثم قيل له: انظر؛ فجعلت عظامه يتواصل بعضها إلى بعض، وبعينيه كل ذلك؛ فقال: أعلم أن الله على كل شيء قدير.

قال بعضهم: إنما أراه الله خلق حماره بعدما أحياه بجميعه؛ وهذا أحق التأويلين وأولاهما بالصواب.

وقال الكلبي في طعامه وشرابه: كان معه سلتان: سلة من تين وسلة من عنب وزق فيه عصير، والقرية إنما هي دير هزقل،......... وكان الرجل عزيراً؛ وكان فيمن سباه بخت نصّر من أرض إسرائيل، فحملهم إلى أرض بابل.

وفي قوله: { وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ }: فنظر إلى حماره فإذا هو عظام بالية. قال: فرأى العظام قد ارتهشت أي تحرّكت وسعى بعضها إلى بعض؛ فرأى الصلب تسعى كل فقرة منه إلى صاحبتها، ثم رأى الوركين يسعيان إلى أماكنهما، وكل شيء منه يسعى بعضه إلى بعض. ثم جاء الرأس إلى مكانه، ثم رأى العصب والعرق ألقي عليه، ثم وضع عليه اللحم، ثم بسط عليه الجلد، ثم رد عليه الشعر، ثم نفخ فيه الروح، فإذا هو قائم ينهق؛ فخر عزير ساجداً وقال: أعلم أن الله على كل شيء قدير. فهكذا أراه الله خلق حماره. فأما خلق نفسه إذ لم يتكامل خلقه ويتم، فإن الله لم يفعل هذا بأحد.