قوله: { وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ } أي في شكٍّ { مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا } على نبينا محمد { فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } أي: من مثل هذا القرآن { وَادْعُوا شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ اللهِ } فيشهدوا أنه مثله { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } بأن هذا القرآن ليس من كلام الوحي، وذلك أن اليهود قالت: إن هذا ليس من كلام الوحي. قال: { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا } أي: فإن لم تستطيعوا { وَلَن تَفْعَلُوا } أي ولن تقدروا على ذلك ولا تفعلونه، أي ولا تستطيعونه. وهذا الحرف يُثبت أن الاستطاعة مع الفعل، كقول الحواريّين:{ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } [المائدة:112] أي: هل يفعل ربك. ثم قال: { فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }؛ من كافر مشرك، أو كافر منافق. وهو كفر فوق كفر، وكفر دون كفر. والحجارة من كبريت يفور دخانه ونتنه، فلا يزالون في نتن وغم. قوله: { وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ }. ذكروا عن أنس بن مالك خادم رسول الله قال: أنهار الجنة تجري في غير أخدود: الماء واللبن والعسل والخمر. وهو أبيض كله؛ فطينة النهر مسك أذفر، وضراضه الدر والياقوت، وحافاته قباب اللؤلؤ. قوله: { كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ } أي في الدنيا، يعرفونه بأسمائه. وقال بعضهم: كلما أُتوا منه بشيء فأكلوه، ثم أُتوا بعدُ بغيره: قالوا: هَذَا الذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ، أي: يشبِّهونه به في طعمه ولونه ورائحته. قوله: { وَأُتُوا بِهِ مَتَشَابِهاً } ، قالوا: خياراً كله، لا رذلَ فيه. وقال الكلبي: متشابهاً في المنظر مختلفاً في المطعم. قوله: { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْواجٌ مُّطَهَّرَةٌ } ذكر الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في نساء أهل الجنة: " يدخلنَها عُرُباً أتراباً لا يحضن ولا يلدن ولا يمتخطن ولا يقضين حاجة فيها قذر " وقال بعضهم: مطهّرة من الإِثم والأذى، قال: ومن مساوىء الأخلاق. { وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لا يموتون ولا يخرجون منها.