الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير كتاب الله العزيز/ الهواري (ت القرن 3 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى ٱلْوَارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

قوله: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي فانقضت العدة { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } أي: فلا تحبسوهن { أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ }. ذكروا عن الحسن قال: قدم رجل المدينة فرغب فيه معقل بن يسار فزوّجه أخته، فكان بينهما شيء، فطلقها واحدة. فلما انقضت العدة خطبها، فأرادت أن تتزوّجه، فغضب معقل فقال: زوجته ثم طلَّقها، والله لا ترجع إليه آخر ما عليه، فأنزل الله هذه الآية.

قوله: { ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ } أي لقلب الرجل وقلب المرأة من الريبة { وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }. علم الله حاجته إليها وحاجتها إليه.

قوله: { وَالْوَالِدَاتُ } [يعني المطلقات في تفسير مجاهد] { يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }. ذكر بعض المفسرين قال: أنزل الله في أول هذه الآية: { حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } ثم أنزل اليسر والتخفيف فقال: { لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }.

ذكروا عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا لا يريان الرضاع بعد الحولين شيئاً.

قوله: { وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ } يعني الأب { رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } أي كلٌّ على قدر ميسرته. { لاَ تُكَلِّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا }. كقوله:لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ مَا ءَاتاهَا } [الطلاق:7] أي ما أعطاها. وكقوله:لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ } [الطلاق:7].

قوله: { لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ } ذكر بعض المفسّرين قال: نهى الله الوالد عن الضرار: أن ينزعه من أمه إذا رضيت أن ترضعه بما كان مسترضعاً به غيرَها ويدفعه إلى غيرها. ونهيت الوالدة أن تضارّ بولدها فتدفعه إلى زوجها إضراراً، إذا أعطاها ما كان مسترضعاً به غيرَها.

قوله: { وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } [تفسير قتادة. قال: على وارث المولود إن كان المولود لا مال له { مِثْلُ ذَلِكَ } أي: مثل الذي كان على والده لو كان حيّاً من أجر الرضاع]. وقال الحسن: على الرجال دون النساء. والوارث: وارث الصبي إذا مات والد الصبي وبقي وارثه، فعليه يكون وليس على الأم منه شيء، ولا على الأخوة من الأم، وذلك في النفقة والضرار. [وقال ابن عباس: { وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ } هو في الضرار].

قوله: { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً } [يعني فِطاماً] { عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ } قبل انقضاء الحولين، بعد أن يستطيع الطعام ولا تدخل عليه ضرورة فيه.

قال بعض المفسّرين: { عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ } إذا كان ذلك عن رضى منهما ومشورة. { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا }.

قال: { وَإِنْ أَرَدتُمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلاَدَكُمْ } أي لأولادكم { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا ءَاتَيْتُم بِالمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } يقول: إن تراضيا أن يسترضعاه { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا ءَاتَيْتُم بِالمَعْرُوفِ } [تفسير مجاهد: حساب ما رضع الصبي إذا تراضيا أن يسترضعا له، إذا خافا الضيعة عليه].